للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الخطأ عدم الغسل من الجماع إلا إذا أنزل]

ومن المخالفات -أيضاً- أن بعض الرجال إذا جامع أهله لا يغتسل، ولا يأمر أهله بالغسل إلا إذا أنزل، وهذا أمرٌ يقع كثيراً، ونكتشفه ونعرفه من كثرة الأسئلة حول هذا الموضوع، ويخطئ فيه الكثيرون، فالقول في ذلك- وبالله التوفيق- كان الأمر أولاً: ألا يغتسل الرجل إلا إذا أنزل، وألا تغتسل المرأة إلا إذا أنزلت، ودليله ما أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماء من الماء) قال الصنعاني: أي الاغتسال من الإنزال، فالماء الأول المعروف، والثاني: المني، لكن هذا الحديث قد نسخ بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل) متفق عليه، وزاد مسلم: (وإن لم ينزل) وفي لفظ أبي داود: (وألزق الختان بالختان) فهذا الحديث استدل به الجمهور على نفس مفهوم حديث (الماء من الماء) واستدلوا على أن هذا آخر الأمرين، بما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن أبي بن كعب أنه قال: (إن الفتيا التي كانوا يقولون: الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد) صححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الإسماعيلي: صحيح على شرط البخاري، وهو صريح في نسخ حكم حديث (الماء من الماء).

ومن أدلة كونه ناسخاً أيضاً حديث أبي هريرة منطوقٌ، وحديث أبي سعيد مفهوم، والمنطوق مقدمٌ على المفهوم.

أيها الإخوة! فافهموا أحكام هذه العبادة الجليلة، افهموا أحكامها لما ينبغي للمسلم أن يقوم بها لكي ينال أجرها كاملاً، وافهموا أحكامها لما يترتب عليها من عبادات جليلة كصلاة وطواف وغيرها، فربما أخلَّ الإنسان بذلك، فينتقل الخلل إلى ما بعده، وفقهوا ذلك أولادكم وبناتكم ومن رأيتموه مخالفاً لسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، فإن الجاهل قد يعذر بجهله، وتقوم الحجة على العالم إذا رآه واقعاً في جهل أو خطأ، فسكت عنه ولم يبين.

واعلموا -أيها الأحبة- أنه لا قيمة لكل ما سمعتموه إلا إذا اعتنينا به تطبيقاً ومتابعةً للسنة ودعوة وحرصاً على ذلك، أما أن يسمع الكلام، ثم يتعدى الآذان، فلا فائدة من هذا كله، ومن عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم، فمن اعتنى بالسنة وطبقها، فتح الله على قلبه آفاقاً وأبواباً جديدةً من العلم، وهذا ملحوظ في علماء السلف الصالحين.

نسأل الله جل وعلا أن نكون من التابعين لهم بإحسان، اللهم ألهمنا رشدنا، ووفقنا للعناية بأحكام ديننا، والاهتمام بالالتزام بسنة نبينا، ونعوذ بك اللهم من الزلل، ونعوذ بك اللهم من الضلال في أمر الشريعة والعبادة.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً، فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء! اللهم من أراد علماءنا بفتنة وشبابنا بضلالة، وولاة أمرنا بمكيدة، ونساءنا بتبرج وسفور واختلاط في الوظائف والتعليم، اللهم عليك به، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم افضحه على رءوس الخلائق، واطرده اللهم عن أرضنا وبلادنا يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان، اللهم عجل نصرهم، ووحد صفهم، واجمع شملهم، وألف بين قلوبهم، اللهم اقهر عدوهم، اللهم عجل دولتهم يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، وارحم اللهم المستضعفين في فلسطين، اللهم انصرهم على اليهود أعداء دينك، وأعداء أنبيائك ورسلك، اللهم عجل نصرهم، واكشف اللهم المحنة والكربة عنهم، اللهم رد المسجد الأقصى إلى أيدي المسلمين، واطرد اليهود عن أرض المسلمين يا رب العالمين! اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم من كان منهم حياً، فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً، اللهم جازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

اللهم ثبتنا على دينك إلى أن نلقاك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى، من الزلل بعد الاستقامة، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين قاعدين، اللهم احفظنا بالإسلام في كل مكان، وفي كل عصر وزمان برحمتك يا أرحم الراحمين! {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة، وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.