للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب تحريم الخمر]

أيها الأحبة! حرمت الخمر لأنها تذهب العقل، والعقل مناط التكليف، إن الشارع لم يسقط التكليف عن المعوق أو عن المشلول أو عن الأعمى أو الأعرج أو الأصم أو الأبكم، لكن زائل العقل حتى ولو اكتملت قواه وجوارحه دون عقله سقط عنه التكليف، وما ذاك إلا لأن مناط التكليف العقل، ولأن ارتباط العبادة بالعقل، فكيف يكون مصير عبد يعمد باختياره إلى إزالة مناط التكليف وإزالة محل العبادة فيه.

ولهذا كان جواب أهل النار أنهم أضاعوا عقولهم: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:١٠] لهم عقول لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، عطلوا العقول فكان مآل ذلك إلى النار وساءت مصيراً.

أيها الأحبة في الله! دعاء ونداء إلى من تعرفونه قد عاقرها سراً، وأرخى الستر، وأسدل الحجب، ودعا الندامى، وأدار الكأس

اهجر الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل

كيف يعمد عاقل كرمه الله بهذا العقل أن يزيل هذه الكرامة بعمده واختياره، يحرم نفسه خمراً في الجنة، وكما في الحديث: (من شربها ولم يتب منها لم يشرب خمر الجنة أبداً) {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد:١٥] وخمر الجنة لا تذهب بالعقول {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} [الواقعة:١٩].