للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترتيب الجهود وتوحيد الصف من الأشياء التي تعين على حمل رسالة الدين]

كذلك -أيها الإخوة- مما يعيننا على حمل رسالة هذا الدين وواجبنا نحوه: أن نرتب جهودنا، وأن نوحد صفوفنا، لو أن رجلاً عنده أرض زراعية مساحتها: (كيلو×كيلو)، وأحضر مائة عامل لكي يحرثوها، فعامل أخذ يحرث في الزاوية الشمالية، وعشرون يحرثون في الجنوبية، وواحد في الوسط، لأصبحت مقابر وليس أرضاً زراعية، كل يحفر في طريق وفي مكان لم تنسق ولم تنظم ولم ترتب هذه الجهود في الأرض، ولو ترتبت جهود هؤلاء العمال لاستطاعوا أن يمشطوا هذه الأرض وأن ينظفوها من الأحجار والأشواك، وأن يعدوها وأن يبذروها بأيسر جهدٍ وأقل وقت.

فأقول: ومما يؤسف له أن جهود المسلمين في هذا الزمان جزءٌ منها مبعثر وغير مرتب يجعلهم كالذي نثر عمالاً من غير ترتيب ولا إعداد ولا كيفية منظمة، هذا يحفر وادياًَ، وهذا يحفر خندقاً، وهذا يحفر بركة، وهذا يحرث، وهذا يمشط، ربما تمضي سنة وتفوت مواسم الزراعة ولم يزرعوا شيئاً، والأرض قد خُرِّبَت، لكن لو كان هناك ترتيب في هذه الجهود، لكانت في وقتٍ قليل وجهدٍ أقل قد أصبحت خضراء مصانة مورقة، وجنى الناس ثمار زراعتها، لكن نتيجة لخبطة الجهود التي تحصل في كثيرٍ من أبناء المسلمين هي التي تجعلهما -وللأسف- جهوداً ضائعة وأشد من هذا: التنافر أو البغضاء ولا حول ولا قوة إلا بالله!