للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأخذ على أيدي الشباب]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

معاشر المؤمنين! ينبغي أن نعلم أن الكلام والخطب والندوات والمحاضرات التي تشجب هذا الحدث، أو تشجب ما ينجم عنه من إزعاج وهتافات وصرخات وويلات ليست توجه اللوم إلى المسئولين، وإنما توجه اللوم إلى أبطال هذه الأحداث من الشباب الذين لم يكن لهم حظٌ من التربية السليمة والعلم النافع والقدوة الحسنة، وهذه الخطب والندوات والمحاضرات توجه إلى المسئولين من باب الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء، ووالله إنا لنعلم أن كل منصف وكل غيور على هذه البلاد ومن فيها من مسئولين ومواطنين، والله لا يرضون بهذا الأمر، ولا يدينون الله جل وعلا به، بل ويكرهونه ويبغضونه أشد الكره، هذا ما علمناه عنهم، ولكن أيها الأحبة! أيكفي أن ننتقد هذه الأحداث؟ أيكفي أن ننتقد هذه المظاهر بعد ذلك الحدث الرياضي؟ لا والله، لو خطبنا ألف خطبة، وطبعنا ألف رسالة، وأرسلنا ألف داعية، والأمور تمضي كما هي، هذا لا يجدي، ولا ينفع شيئاً، لكن الذي يجدي هو أن نعلم أن ما رأيناه نتيجة تربية مهملة، نتيجة شباب قد ضيعهم آباؤهم وأمهاتهم، نتيجة شباب اجتمع لهم الفراغ، واجتمعت لهم الجدة، واجتمع مع ذلك الصحة والشباب، فلا عجب أن نرى ذلك.

أيها الأحبة! لأن نوقد شمعةً واحدةً في الظلام خيرٌ من أن نلعن الظلام ألف مرة، ولا نسرف في اللوم على أولئك الشباب، والله إن الكثير منهم لفي سكرة، وهل تلوم سكراناً على تصرفاته، إن الكثير منهم لفي غفلة، وهل تلوم غافلاً على ما يبدر منه؟ إن الكثير منهم لفي غطيط عميق، وهل تلوم نائماً فيما ينجم من نومه؟ إذاً أيها الأحبة! لابد أن نعود إلى قلوبهم شيئاً فشيئاً رويداً رويداً مناقشةً هادئةً، إذ إن مناقشة الأمور بعد هدوء الأوضاع هذا خيرٌ وأخف، كان بوسع الكثير أن يستلم هذا الحدث في خطبه، أو في مناسباته، أو في كلمات المساجد بعد هذا الحدث فوراً، لكن ترك الأمور حتى تهدأ، وحينما تعود البصيرة والبصائر إلى العقول لكي نناقش أولئك الشباب من تسبب في سرعة جنونية، فأودى بحياة أسرة إلى غرفة الإنعاش، ما الذي جنى من ذلك؟ من تسبب في هذا الهتاف والتطبيل، ثم كانت الحادثة دهس روحٍ بريئةٍ راحت الروح إلى بارئها، ما الذي استفاد من ذلك؟ إني رأيت عقلاء في سن العقل والرشد والله إني لأشك هل ترى عيني حقاً، أم أن في عيني غبشاً، أهذا رجلٌ بطوله وعرضه وسنه ينشر علماً على سيارته؟ أين العقول؟! أين القلوب؟! أين الأفئدة؟! إذاً نحن بحاجة إلى أن نبصر شبابنا إلى أن نناقشهم، وهي مسئولية الخطباء، ومسئولية المدرسين، ومسئولية الموجهين، ومسئولية الوعاظ، ومسئولية كل من له دور في لقاءاته بالشباب أن ينبه أولئك على هذا الأمر، أما أن ندعي أن هذه الغضبة نتيجة هذا الحدث الرياضي، فلا نكذب على أنفسنا؛ لأن الأحداث الرياضية السابقة كثيرة واللاحقة أكثر، لكن نحن نناقش ونشجب ونستنكر أيضاً ما يحدث من جراء تلك الأحداث، والكلام في الحدث الرياضي ذاته، ليس الحديث فيه إليكم، بل الحديث فيه إلى من له الأمر والنهي فيه.

فيا عباد الله! نسأل الله جل وعلا أن يأخذ بأيدينا إلى دعوة شبابنا بالحكمة والموعظة الحسنة، بالرفق واللين ولطف الجانب، وخفض الجناح، لكي نواجههم ونقابلهم، ونسألهم عما جنوا واستفادوا من جراء ذلك الجنون، ومن جراء تلك التصرفات العجيبة.