للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتقاد الرياضيين للدعاة وغيرهم]

أيها الإخوة! إنه ما من أمر علا شأنه إلا وكانت النهاية بعد ذلك سقوطٌ في هوة الانحدار الشديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قد تمضي الأمور طبيعية، أما إذا بلغ هذا التشجيع جنونه، وبلغ أوجه، وأصبح حدثاً طبيعياً، ما حدث بعد ذلك الحدث الرياضي والله ليس بعد هذا إلا طامة أو هامة أو بلية نسأل الله أن ينجي المسلمين منها، والأسوأ من ذلك أن تجد من يناقش في هذه الأمور، أو من ينصح في هذه الأمور، يقال له: أنت لست من أهل الحس الرياضي إنك لست من الذين خالطت الكرة دماءهم وشرايينهم.

أسأل الله ألا يخالط دماءنا ودماءكم إلا شهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هذه التي نفتخر بأن تخالط دماءنا وقلوبنا وعروقنا، أما ما سوى ذلك، فلا مكان له في الدماء والقلوب والشرايين يا عباد الله.

أيها الأحبة! أيعيرون العقلاء بأنهم ليس لهم من الحس الرياضي ما يستطيعون أن يتفاعلوا به أمام هذه الأحداث، عجباً والله وألف عجب!!.

إذا عيَّر الطائي بالبخل مادر وعيَّر قس بالفهاهة باقل

وقال السهى للشمس: أنت ضئيلةٌ وقال الدجا: يا صبح لونك حائل

وطاولت السحب السماء سفاهة وفاخرت الأرض الحصى والجنادل

فيا موت زر إن الحياة ذميمةٌ ويا نفس جدي إن دهرك هازل

فإن كنت تبغي العز فابغ توسطاً فعند التناهي يقصر المتطاول

والله ما بعد تناهي هذا التشجيع وهذا الجنون إلا قصور وخطر عظيم وعاقبة وخيمة، ما لم نتب ونئوب إلى الله تعالى.

فإن كنت تبغي العز فابغ توسطاً فعند التناهي يقصر المتطاول

توقى البدور النقص وهي أهلةٌ ويدركها النقصان وهي كوامل

ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً تجاهلت حتى ظن أني جاهل

فيا عجباً كم يدعي الفضل ناقصٌ ويا أسفاً كم يدعي النقص فاضل

فيا عباد الله! أيكفي أن نكون كما قال، أيكفي أن نتجاهل، أيكفي أن نسكت، أيكفي أن ندس الرءوس في الرمال؟ لا، إننا ولله الحمد والمنة في بلاد تسمع فيها كلمة الحق، وتسمع فيها كلمة الصراحة، فقولوا ما شئتم ما دام الأمر في إصلاح الأمة، وإصلاح البلاد والعباد، وإصلاح شباب المسلمين بضوابطه الشرعية، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وأساليب الدعوة والنصيحة المشروعة.

ينبغي أن ننصح شبابنا، ونوجههم، وأن نطرح هذا الحدث أمامهم في الأندية الرياضية وفي المدارس، وعبر وسائل الإعلام، وعبر الصحف والمجلات ما وجدنا إلى ذلك سبيلاً، أما أن نشتم الأحداث، وننتقد المظاهر والنتائج من دون تقديم أي خطوة إلى الأمام في ذلك، فهذا فعل الضعفاء، (أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل) لا ينفع هذا بأي حالٍ من الأحوال.

أسأل الله أن يهدي شباب المسلمين، وأن يردنا إلى الحق رداً جميلاً، وأن يجمعنا بأحبابنا وولاة أمورنا، ونسأل الله أن يهديهم إلى العمل بكتابه وسنة نبيه، نسأل الله أن يجمع الجميع في دار رحمته وكرامته، وأن يأخذ بأيديهم إلى أسباب مرضاته، وأن يهيئ لهم بطانة صالحة.

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى واسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، نسألك اللهم أن تحفظ شبابنا، نسألك اللهم أن تردهم إلى الحق رداً جميلاً، نسألك اللهم أن تفتح على بصائر قلوبهم، اللهم إن كان عندهم غير هذا لطالوه وفعلوه، اللهم فغير ما في قلوبهم من الشقاء إلى السعادة، ونسألك اللهم أن تملأ قلوبهم نوراً وهدىً ويقيناً، فأولئك الشباب-والله- ليسوا بأعداء لنا، ولا ننظر إليهم نظرة احتقار أو انتقام أو عداوة، بل هم إخواننا ومن بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، لكننا نسأل الله أن يهديهم، وأن يمنَّ عليهم، وأن ينفع بهم، وأن يهديهم لبر والديهم، ونفع مجتمعاتهم وبلدانهم يا رب العالمين.

اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا عقيماً إلا ذريةً صالحةً وهبته، ولا أيماً إلا زوجته بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، واجمع شمله وإخوانه وأعوانه على كتابك وسنة نبيك يا رب العالمين.

اللهم اهد شباب الأندية، اللهم اهد شباب الأندية، اللهم اهد شباب الأندية الرياضية، اللهم اجعلهم من عبادك الصالحين، اللهم اجعل أنديتهم موئلاً ومكاناً للطاعة والذكر والتسبيح، اللهم اجعلها أماكن للدعوة، ومساجد لصلواتك، ومحاريب لذكرك وعبادتك يا رب العالمين، وليس ذلك عليك يا ربنا بعزيز، فلقد هيأت أن تكون الكنائس التي فتحها المسلمون في التاريخ، ونال المسلمون شرف فتحها وجعلوها مساجد بمنك وكرمك، اللهم فليس عزيزاً عليك، وليس عزيزاً على قوتك وإرادتك يا رب العالمين، ليس عزيزاً أن يكون شباب هذه الأندية من عباد الله الصالحين الذين يجعلونها أماكن لتربية الشباب وهدايتهم، وتوجيههم لما فيه صلاح أبدانهم وأديانهم وبلدانهم برحمتك يا رب العالمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم من كان منهم حياً، فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان ميتاً اللهم جازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠] فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.