للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بر الوالدين وحسن معاملتهما]

السؤال

يلاحظ على بعض الشباب الملتزم حسن أخلاقه ومعاملته لزملائه وأصدقائه، إلا أنه مع والديه سيئ المعاملة غير مبالٍ بهم، فهل من كلمة توجه بها أمثال هؤلاء ممن فرطوا في بر والديهم وبيان عاقبة العقوق الوخيمة أثابك الله؟

الجواب

والله يا أحبابي إن مَن وُجِد أبوه أو أمه وهما في حال الكبر؛ خاصة إذا كانا عنده في بيته والله إنها كرامة ونعمة وفضل لا يحلم به، ولن يعرف ذلك إلا إذا فقدهما، هما بابان من أبواب الجنة، فمن شاء فليلزم ومن شاء فليترك، في بعض الآثار أن الأم إذا ماتت نادى منادٍ: ماتت التي كنا نكرمك لأجلها فاعمل صالحاً تكرم به.

يا إخوان: الوالدان شأنهما عظيم، وقد قُرن حقهما بحق الله جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:٢٣] شأنهم عظيم جداً جداً، والبعض يتعامل مع أبيه كمن يتعامل مع تحفة، على مرور الزمن أصبح شيئاً عادياً بالنسبة له، كما قيل لأحدهم: هذا أبوك؟ قال: من زمان وهو عندنا، يعني: مليت منه؟! لا.

يا أخي نعمة من الله جل وعلا، أن تصبح كل صباح فتقبل جبينه وأنفه، أن تقبل حذاءه، أن تقبل ظهر كفه، أن تتلطف معه، وتخفض الجناح، وتليِّن العبارة له، وتقدم الطعام، ألذ ما تشتهيه إذا وقعت عينك عليه ووالدك معك في مائدة، أو على إناء، أن تأخذه وتقدمه له، وتقدمه لأمك، إذا اصطُفِيتَ بشيءٍ أو مُنِحتَ شئاً جميلاً فتذكر نصيب والدك ونصيب والدتك منه، يعني: تتبع هذا الرضا حتى تلقى الله جل وعلا بهذا البر، وما من عملٍ أسرع من أن يرى الإنسان بركته في الدنيا مثل بر الوالدين، وصلة الرحم، وما من عملٍ أسرع من أن يرى الإنسان شؤمه وعقوبته في الدنيا مثل: عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم.

أنا أذكر من مدة أن رجلاً جاء إلى المسجد فقال: يا أخي! أنا ولدي فلان مع الملتزمين وفيه خير وديِّن.

وما هي المشكلة؟ لكن لا أراه، لم يعطنا وجهه أبداً، ما هذا الدين الذي عنده! أنا أعرف أن الدين بر ولطف ومعاملة.

لكن لا بد أنك تحلم عليه وتصبر عليه، والحمد لله ولدك خيرٌ من كثير من الفساق الفجرة، أو من الذين تورطوا وشوهوا سمعتهم وأسرهم بالمخدرات والفساد والأمور الخبيثة؛ لكن عليك أن تنصح بالتي هي أحسن، أو توجه من حوله لأنه لا يزال تحت تربية مَن يؤثر عليه، فتنال إن شاء الله حسن بره وحسن صلته.

فأوصي نفسي وإخواني: عاملوا آباءكم وأمهاتكم كما يعامل خدم الملوك الملوك، إذا أراد الملك أن يخرج من الباب تجد ستين ممن يقدم حذاءه، أنت قدم حذاء والدك، قبِّل يده إذا سلمت عليه، إذا كان في مجلسٍ إياك أن تكون في الصدر وهو في طرف المجلس أو في جنبات المجلس، هو الذي يكون في الصدر، تُفْسح له، تقدمه في خروجك، تحمل الثقيل عنه، لا يمكن إلا أن تعامله كما يعامَل الملوك في الحاشية، هذا خيرٌ لك، وستجد ذلك عند الله جل وعلا.