للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غزوة بدر]

وخذ مثالاً آخر أيضاً: في غزوة بدر بعد أن أعد النبي صلى الله عليه وسلم صفوف أصحابه في أول مواجهة تاريخية عسكرية، ليحق الله الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، في مواجهة تاريخية عسكرية، الملائكة تشهدها، وكل ما حول القوم من الأرض ينظرون، والنَّفَس صاعد ومنخفض حتى دنت ساعة الصفر، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صف القوم وعدلهم إلا أن دخل عريشه ودخل معه خليله وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقام صلى الله عليه وسلم ورفع يديه يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول: (اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعدها في الأرض) وجعل يهتف بربه، ويقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك) ويرفع يديه إلى السماء أكثر وأكثر حتى يسقط الرداء عن منكبيه، وجعل أبو بكر يلتزمه من ورائه ويرد رداءه عليه، ويقول مشفقاً على حبيبه، يقول أبو بكر له لما رأى نبيه يكثر الابتهال والمناشدة لربه: (يا رسول الله! كفاك مناشدتك ربك فإنه لا يخذلك، كفاك مناشدتك ربك فإنه منجز ما وعدك، وخفق النبي صلى الله عليه وسلم خفقة -أي: إغفاءة قليلة بعد ذلك- فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع -أي الغبار-).

هكذا علمنا صلى الله عليه وسلم أن نجأر إلى الله، أن نفزع إلى الله، أن نلجأ إلى الله عز وجل، فإن بيده الخير كله، أوله وآخره، وظاهره وباطنه.