للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توحيد الجهود والبداية بالبيئة المحيطة]

أول شيء نريد أن تعرفه: أنك أنت الأصل، الخير هو الأصل، والدعوة إلى الله هي الأصل، والإسلام هو الأصل، والإيمان هو الأصل، والغيرة هي الأصل، والحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما الأصل، وما جاءنا من سموم وسهام التغريب والعلمنة وإفساد المجتمع هو الطارئ والغريب والدخيل، أصلح هذا الأمر في عقلك، وأصلح هذا الأمر في نفسيتك، وحينئذ ستقتنع أنك قادر على أن تغير في مجتمعك، سيما إذا عرفت الجوانب الإيجابية في المجتمع، وأدركت أنك تعمل في مجتمعٍ الخير فيه كثير.

أقول أيها الإخوة: ليجتمع إمام المسجد، والشباب الأبرار، والرجال الأخيار في هذا المسجد، الغيورون على صلاح الحي وأهله مع أئمة المساجد المجاورة في بيت واحد، ويقولون: نريد أن نصلح المجتمع كله، ابتداءً من حارة عمار في الحدود وانتهاءً بحدود اليمن، لا.

هذا إصلاح خيالي، نريد أن نصلح المجتمع، أي: المجتمع الذي بين أيدينا، المخطط المجاور لنا، المربع الذي نسكن ونعيش فيه.

كل مجموعة من الشباب إذا قالت هذا الكلام، فستجد أن الإصلاح عم كل المناطق، كل من كان في حي أو في مربع أو في مخطط سيصلح مربعه ومخططه الذي يسكن فيه، ومن ثم ترى الإصلاح في جميع أنحاء بلادك، وهذا خير عظيم تؤجر وتثاب عليه دنيا وأخرى.

نبدأ بأن نتآزر وأن نتعاهد على أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله، ثم إن هذا العمل ليس سرياً، أهلاً وسهلاً بمن أراد أن يشارك في هذا العمل وحياه الله، رجل أمن، مدير الشرطة، رئيس القسم، مدرس، مهندس، طبيب، أياً كان ليشارك معك في هذا الإصلاح؛ لأنك حينما تصلح المجتمع لا تصلح المجتمع بأساليب سرية، ولا تصلح المجتمع بوسائل سرية، وإنما تصلح المجتمع بما يباع في المجتمع، وتصلح المجتمع بما هو موجود في المجتمع، وعندك من المجالات والثغرات التي تحتاج إلى سنين لإصلاحها، لا أقول هذا تثبيطاً، لكن تذكيراً بالصبر وعامل الزمن.

إذا اجتمعنا وتعاهدنا بالله على أن نصلح مجتمعنا، فنبدأ بتحديد جيران الحي الذي نحن فيه، مثلاً هذا المخطط الذي نسكن فيه، فلنفرض أن فيه مائتي بيت، ونحن ثلاثة أئمة أو اثنان من الأئمة، معنا عشرة أو خمسة عشر من الشباب الملتزم، أو حتى من الغيورين ولو كان فيهم بعض مظاهر المعصية، أو المخالفات الشرعية؛ لأن معصيته لا تدل على أنه لا يغار على المجتمع ولا يرغب في الإصلاح، ثم نوزع على كل بيت شريطا أسبوعياً تجعل الشريط في ظرف، وتطرق الباب: حياك الله يا جارنا الحبيب! هذا من إخوانك في جماعة المسجد تفضل، هذه رسالة من جماعة المسجد تحوي شريطاً، ولو سألك: من أين الشريط؟ قل: الشريط مكتوب عليه اسمه، واسم التسجيلات التي تبيعه، واسم المحاضر الذي ألقاه، ونحن مسئولون عنه، حتى تشعر أنك تقوم بعمل، مثلما يقدم لك قارئ العدادات الفاتورة، هل يتلفت قارئ العدادات حينما يريد أن يقرأ القراءة من عداد الكهرباء، يلتفت هكذا وهكذا ويسقط الفاتورة ويذهب، لا، إنما يطرق الباب، ثم ينظر ويسجل القراءة ويعطيك الفاتورة.

أقول: يا أخي! بنفس الثقة وبنفس القناعة والطمأنينة لابد أن تقدم لكل بيت مادة نافعة، تقدم في الأسبوع الأول شريطاً، الأسبوع الثاني كتاباً، الأسبوع الثالث شريطاً ونصيحة مطبوعة في ورقة، الأسبوع الرابع كتاباً ونصيحة مطبوعة في ورقة، وحتى لا يقول لك أحد: من أين أتيت بهذه المطبوعات؟ خذ من الرسائل الصغيرة التي هي للشيخ ابن باز أو ابن عثيمين أو ابن جبرين أو الشيخ البراك أو أحد الدعاة المعروفين وقدم ما عندك.

يا أخي الكريم! ثق تمام الثقة أن هذا الضخ والإعلام وتزويد الجيران أسبوعياً بقضايا تستجد في الواقع، وأحداث مهمة، سوف يجعل هناك وعياً، وإذا وجد الوعي في البيوت والأسر وجد الوعي في المجتمع.

يا أخي الحبيب! الناس سوف تترك المنكر تلقائياً، وهذا لا يعطل وظيفة الحسبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن سؤال مجتمع من المجتمعات أو حي من الأحياء، بجواره محل تسجيلات أغانٍ ومحل تسجيلات الفيديو الخليعة، وما الذي يحصل فيه، جيران الحي، أو الدعاة، أو جماعة المسجد، أو شبيبة المسجد مع الأئمة قاموا بهذا النشاط، وأصبحوا أسبوعياً يوزعون كتاباً، رسالة، نصيحة، وأيضاً في كل شهر يدعون فقط أهل الحي لندوة خاصة بهم، ليست ندوة عامة يحضرها الجميع، لا، ندوة لأهل الحي، ترتب مع مكتب الدعوة لإقامة ندوة للحي يحضرها أهل الحي، ليس من شرطها أن تكون محاضرة يحضرها آلاف، وإنما ندوة يحضرها مائتان، مائتان وخمسون، ثلاثمائة، مائة وثمانون من جيران الحي، ويكون فيها أحاديث ودية، ونقاش وحوار، وماذا بعد ذلك؟ مثلها مخصصة للنساء.

هل تظن أن صاحب محل الفيديو الذي يبيع الأفلام الخليعة، وصاحب التسجيلات الخليعة الذي يبيع الأغاني هذه سيجد أحدهم زبائن يشترون منه؟ لا والله؛ لأن الحي هو سوقه ومكان الاتجار فيه، والمستهلكون والزبائن قد ارتفع مستوى الوعي عندهم فعرفوا أن هذا محل فيديو، بل هو وكر من أوكار الشيطان، وهذا محل أغانٍ، بل هو حانوت من حوانيت الفساد، فلما ارتفعت نسبة الوعي قاطعه الناس، فاقتنع وربما أغلق محله.