للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حقيقة الانتصار]

أخي الكريم! اعلم أن حقيقة انتصارك في هذا البداية أن تستمر وأن تبلغ، حتى ولو لم تجد أدنى نتيجة في السنة الأولى أو الثانية، قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت النبي ومعه الرجل) الرسول صلى الله عليه وسلم يصف مشهداً من مشاهد يوم القيامة، وهذا المشهد يتكلم عن الأنبياء والذين استجابوا لهم وقبلوا دعوتهم واتبعوهم فيما جاءوا به، قال: (ورأيت النبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد) انظر: نبي مؤيد بالمعجزة والوحي والعصمة فيما يبلغ، ومع ذلك ربما لا يهتدي على يده غير واحد أو اثنين، هل نقول: هذا نبي فاشل؟ لا.

بل هو نبي منتصر، وحقيقة انتصاره أنه بلغ رسالة الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة:٦٧] {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:٧].

ولا تنزعج إذا لم يستجب البعض، أو لم يقبل البعض، أحد الشباب لما جاء يوزع على الجيران الظرف كالعادة أسبوعياً فيه كتيب وشريط، وطرق الباب على أحد الجيران: السلام عليكم، ماذا تريد؟ قال: يا أخي الحبيب! إخوانك جماعة المسجد يهدونك وأسرتك كتيباً وشريطاً، قال: تريدون أن ندخل في الإسلام؟ سبحان الله! من الذي قال لك هذا؟ بل يا أخي! أنت عمدة، أنت بركة، أنت خير، لكن اقبل هذه الهدية، فيها ما يعينك ويسددك ويحذر أولادك من الوقوع في الفساد والانحراف، ثم أصبح بعد ذلك يتقبل هذا الأمر.

إذاً: ضع في بالك أنك ستجد من يخالفك: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} [الكهف:٦] {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر:٨] كونك تجد اثنين أو ثلاثة أو عشرة أو عشرين أو مائة لم يقبلوا منك فلا يدل هذا على فشلك، ولا يعني أن مشروعك فاشل، إنما عليك الاستمرار، ومواصلة العطاء بإذن الله جل وعلا.

أيها الأخ الحبيب! حسبك أنك بصير وكثير من الناس يتخبطون، وأنك تبذل من مالك والشح قد قتل كثيراً من الآخرين، حسبك أنك تقتدي بالرسول وغيرك قد قتله الهوى، حسبك أنك راغب في الآخرة وغيرك راغب في دنيا مؤثرة، حسبك أنك متجرد للحق وغيرك قد أعجب برأيه، وحسبك يا أخي! عبوديتك لله جل وعلا، وأنك عبد لله إذا استعبد الضالين الدرهم والدينار والخميلة والخميصة.

أسأل الله أن يجعل هذا حجة لي ولكم، وألا يجعله حجة علي وعليكم.

أيها الإخوة! فيكم خير كثير، أنتم تصلحون مجتمعكم، حتى وإن كنتم ترون في ظاهر وجوهكم أو ظاهر سمتكم شيئاً من التقصير أو المخالفات الشرعية، اعمل لإصلاح مجتمعك وتب وعد إلى الله، وستجد هذه بداية لإصلاح الأمة أجمع، أسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يدمر أعداء الدين.

اللهم اجمع شملنا وعلماءنا وولاة أمرنا، اللهم لا تفرح علينا عدواً، اللهم لا تشمت بنا حاسداً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.