للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبل العدو في غزو المسلمين]

لا شك أنهم عجزوا ويعجزون ويدركون أنهم لن يحلوا الوثنية مكان التوحيد، لكن ما هو الحل في نظرهم تجاه هذه القلعة الصامدة من قلاع الوحدانية والإسلام؟ لا شك أنهم أرادوا أن يتسلطوا على هذا المسلم في إسلامه.

أما القرآن فذلك أمرٌ يعجزون عنه؛ لأن الله جل وعلا قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] وسنة النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة بحمد الله، إذاً كيف السبيل مادام إحلال الوثنية غير ممكن، وما دام القرآن محفوظاً، ومادامت السنة معتنىً بها؟ لا سبيل لأعداء الأمة إلا إلى أن يغزوا هذا المسلم في نفسه وإيمانه وحماسه لدينه، فتوجهت قوى الضلالة نحو هذا المسلم لتعلمه كيف يكون جباناً، كيف يكون أنانياً، كيف يهتم بنفسه، كيف يهتم بسيارته، وبيته وفلته، ورصيده وملذاته، ولا شأن له ببقية المسلمين، ولا حِس ولا هم له بسائر إخوانه المسلمين.

هذا أمر قد وقع في كثير من المسلمين، لا شك أنه مسلم، ولا يستطيع أحد أن يرفع عنه اسم الإسلام وأحكام الدين، ولا شك أنه مسلم بهذا، لكنه مسلم ضعيف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).

لا شك أن قوى الضلالة أرادت أن توجد مسلماً أنانياً ضعيفاً، إذا رأى الفساد في طريقه، قال: ذنبهم على جنوبهم، وإذا رأى منكراً، قال: وما دخلي بهم، وإذا رأى تسلطاً على رقاب إخوانه المسلمين، قال: همي نفسي، وإذا رأى موقفاً يحتاج إلى صدع بالحق، وصراحة بالنصيحة والإخلاص، قال: أخشى على رقبتي ورزقي ونفسي، وقد نسي ذلك عبر هذا السيل الجارف من وسائل الهدم والتدمير أن الأرزاق والأرواح بيد الله سبحانه وتعالى، أرادت قوى الضلالة أن توجد مسلماً ضعيفاً، أن توجد مسلماً لا يستطيع أن يؤثر في جيرانه وأهل بيته، وعند ذلك تطمئن قوى الضلالة إلى هذا النوع من المسلمين، الذي يجتهد الواحد منهم في ملذات نفسه، فإذا مات، مات الدين معه، ولم يبق لدين الله في نظرهم قائمة، عياذاً بالله من فكرهم، ومما يصبُون إليه.