للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ماذا قدمنا للإسلام؟]

إن الإسلام يخدمنا ويعطينا ويمنحنا، لكن نحن ماذا قدمنا للإسلام؟ أنا أعطيك أقرب مثال على ذلك: لو حصل لا قدر الله حادث لرجل على الطريق، وجاء واحد قال: يا إخوان هناك رجل شاب صار له حادث وعنده نزيف ومحتاج إلى تبرع بالدم، يا إخوان تبرعوا له، أنا واثق أن السيارة ستمتلئ كلها تبرعاً له لأنه مسلم، لأن الإسلام خدمه.

إذاً: الإسلام خدمنا ونحن باسم الإسلام أكلنا وشربنا وحققنا وأنعمنا وحصلنا خيراً كثيراً؛ فماذا قدمنا للإسلام؟! أحد الإخوان في زغرب في المركز الإسلامي بـ كرواتيا بجوار البوسنة يقول: جاءنا ذات مرةٍ شاب بسنوي يقول بلغته البسنوية وكان المترجم موجوداً: هل يوجد أحد من شيوخ العرب أريد أن أتكلم معه؟ قال: فجيء إليه برجلٍ من الشباب فيه خير نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً، قال: فجئنا إليه، فقال له: يا أخي تعال -هذا كان في بداية غزو الصرب للبوسنة - أنا مسلم جاء الصرب واغتصبوا أخواتي، وأحرقوا بيوتنا، وطردونا وشردونا وفعلوا بنا الأفاعيل، وأنا مسلم أقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا أعرف عن الإسلام إلا هاتين الكلمتين، فيا أخي علمني شيئاً عن هذا الدين الذي أقتل لأجله، علمني شيئاً من هذا الدين الذي يحرق بيتنا لأجله، علمنا شيئاً عن هذا الدين الذي يعتدى علينا لأجله، أنا أريد أن أقاتل هؤلاء الكفار من الصرب والنصارى حتى أموت ولن أتركه لكن علمني.

الآن لو أتينا إلى شاب في سجن المخدرات وقلنا له: تعال اكتب لنا عشر صفحات عن الإسلام، لكتب خمسين صفحةً عن الإسلام، فهذا بسنوي لا يعرف عن الإسلام إلا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، يقول: علموني هذا الدين الذي أقتل لأجله حتى أقاتل على بصيرة وأستمر من أجل هذا الدين، وكان بإمكان هذا الشاب البسنوي أن يقول للصرب: قفوا ماذا تريدون؟ نعلق الصليب، نصلي لليسوع، ننحني للقداس، نسوي التعميد، نسوي صلاة الكنيسة، ونرتاح من الهم والغم لكنه مصر على الإسلام، ومن أجل الإسلام الذي لا يعلم عنه إلا هاتين الكلمتين يتحمل هذه التضحيات.

فنحن يا معاشر الشباب الذين نعرف الكثير الكثير عن الإسلام؛ في الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وأمور كثيرة في العلاقات والعبادات والأخلاق والمعاملات والعقائد وأشياء كثيرة، ماذا قدمنا لهذا الدين؟ هناك جهلة لا يعرفون عن الإسلام إلا كلمتين يقاتلون من أجله، ونحن أقل شاب فينا يعرف عن الإسلام الكثير ولا يقدم من أجل الإسلام التزاماً! لا يقدم من أجل الإسلام توبة! لا يقدم من أجل الإسلام تضحية؟! لا يقدم من أجل الإسلام يقظة في مواجهة هذه الحرب المسعورة علينا؟! لسواد أعيننا أعداء الإسلام يخسرون نفقات المحطات الفضائية والأقمار الصناعية المستقبلة والمرسلة مجاناً؟ لسواد أعيننا يبثون علينا هذه القنوات؟ لا، ولكن حتى يبقى الضال ضالاً، والفاسق فاسقاً، والمنحرف منحرفاً، والغبي غبياً، والجاهل جاهلاً، المهم ألا يستفيق الشباب والرجال والنساء للإسلام، المهم ألا تعود هذه الأمة إلى الإسلام.

قال أحد البريطانيين الخنازير: إن هذا المارد -يعني الإسلام- سوف يعود ويستيقظ عما قريب ونحن لا نملك أن نرد يقظته، لكننا نملك أن نخدره لنبطئ ساعة يقظته.

نحن لا نملك أن نرد هذا المارد، بل اليهود الذين عجزت أمة الإسلام وقد بلغت المليار أن تسحقهم وهم لا يتجاوزون سبعة عشر مليوناً في العالم، والشكوى إلى الله عز وجل، وإلا والله لو يفتح الطريق إلى هؤلاء الخنازير لوجدت الشباب مستعدين أن يموتوا ويريقوا الدماء من أجل أن يذبحوا اليهود ذبح النعاج والشاه، لكن إنا لله وإنا إليه راجعون، سيأتي اليوم {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [هود:١٢٢].

يقول أحد المسلمين ليهودي من اليهود: سيأتي يومٌ نقاتلكم فيه وسوف ننتصر عليكم، فقال: اليهودي نعم صدقت! ستقاتلوننا وتنتصرون علينا، ولكن ليس هذا الجيل الذي أنتم منه هو الجيل الذي سينتصر علينا، جيل الأغنية والتمثيلية والدش والمسلسل والغفلة والزمر والطرب والكأس والمعاكسة والمرأة والعبث بالخارج والربا والخنا والمعاصي والضياع، ليس هذا الجيل الذي سوف يطرد اليهود من فلسطين، لكنه جيل العباد الزهاد الصالحين أسود في النهار، رهبانٌ بالليل

وإن جن المساء فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدينا

رقاقٌ إذا ما الدجى زارنا نصبنا محاريبنا للحزن

وجندٌ شدادٌ إذا رامنا عدوٌ رأى أسدنا لم تهن

هذا هو الجيل الذي سوف يفتح فلسطين وسوف يفتح القدس ويردها ويرد غيرها من بلدان المسلمين إليهم.

نقول يا شباب الإسلام: القضية أكبر من أن تضيع في حب فتاةٍ عبر رسالةٍ أو مكالمة، والقضية أكبر من أن تضيع الأيام في متابعة مسلسل ونعرف في الحلقة الأخيرة، هل تزوجها أم طلقها؟ وهل وجدها أم فقدها؟ وهل انتصر عليها أم انتصرت عليه؟ القضية أكبر من أن تضيع الأمة في هذا الهراء والضياع، لكن من يوقظ الأمة؟ من يوقظ الشباب من هذا النعاس؟ وهذه المؤامرات؟ {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:٤٦] {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:١٥] {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ:٣٣] مكر عجيب يخططه أعداء الإسلام وأذنابهم والشباب ينقادون في هذا المخطط.