للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحذير من التهاون وتأخير الحج]

عباد الله: إن من الأمور الداعية إلى العجب والدهشة والغرابة ما يقع فيه كثير من المسلمين -وبالأخص بعض شباب المسلمين- من تأجيلهم الحج سنة بعد أخرى، وهم في أمنٍ، قد ملكوا الزاد والراحلة، والكثير منهم مقيم قريب من بيت الله الحرام، والأسوأ من ذلك أن ترى بعضهم قد زار بلاد الشرق والغرب من دول أوروبا وأمريكا، وأنفق فيها أموالاً طائلةً، وأوقاتاً طويلةً، ومع ذلك لم يحج فرضه، ولم يقم بالعبادة الجليلة الواجبة، تلك العبادة التي لا تحتاج إلى وقتٍ طويل، أو أموال طائلة، فالحذر الحذر يا شباب المسلمين من هذا التساهل.

أما يخاف أولئك الذين يؤجلون الحج ويسوفونه؟ أما يخشون أن تصرعهم المنايا، أو تخطفهم سهام المنون وهم بين أظهر الكفار غافلين عن أداء فرض الله؟ أما يخافون المروق من الدين بنص وعيد المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله: (من ملك زاداً وراحلةً تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً) رواه الترمذي.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الفدية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين].

فبادروا بالحج وتعجلوا يا من لم تقضوا فرضكم، ومن حج وابتغى التقرب في الزيادة، فليجتهد في حسن الأداء, والبشارة له بعد ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والحج المبرور ليس له ثوابٌ إلا الجنة) فمن استطاع الحج بوجود الزاد والراحلة، فليبادر وليتعجل إذا كان حراً بالغاً عاقلاً، والمرأة كذلك إذا وجدت محرماً زوجاً كان أو من تحرم عليه على التأبيد بسبب نسب فليبادر كلٌ بقضاء فرضه، واحرصوا على قضاء المرأة فرضها، وليحرص من هي في ذمته على ذلك، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.