للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أنواع الأذى للجار]

واعلموا أن من أنواع أذى الجار وهو أمرٌ منتشرٌ بيننا، أن تضع سيارتك دائماً أمام باب جارك، فتعيق سيارة جارك من الخروج، ولو فعله أمام بيتك فهل ترضى؟ وما حاله لو كان في بيته مريض، وخرج مسرعاً، يريد أن يذهب بهذا المريض، فلا يجد طريقاً، فيدعو الله عليك ليلاً ونهاراً لما تسببت فيه من أذى، وفيما تسببت عليه من مضاعفة حال مريضه، إذ قد يدرك شيئاً من الأمر لو لم تفعل هذه الفعلة أمام داره.

ومن الأذى أيضاً وهو أذىً مضاعف للجار بالحرام، وهو الأذى بالملاهي والموسيقى وغيرها.

بعض الناس لا يراعي حق الجوار، وإذا بلي لا يستتر، فإذا ابتلي أحدٌ فليستتر، نسأل الله لنا وله التوبة والإقلاع، أما أن يجعل المنكر جهاراً نهاراً ويؤذي جاره عياناً بياناً، فأي خلق وأي دينٍ وأين بقية حياءٍ في وجه ذلك الجار؟ فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً، وليفعلوا فعلاً سديداً ولا يؤذوا جيرانهم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

ومن أنواع الأذى ما ورد في الأثر: استطالة الدور بعضها على بعض، بعض الناس يبني داره شاهقاً مرتفعاً، وكأنه يريد أن يسكن في بعض قمم الجبال، وقد يكشف بذلك سطوح بيت جيرانه ونوافذهم، فليتق الله في فعله ذلك، وإن كان قد وقع أو فرط الأمر منه عن خطأ، فليصلح شيئاً من هذه النوافذ بسترةٍ أو بعازل بينه وبين جيرانه حتى لا يكون سبباً لإيجاد شيءٍ في النفوس، نسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليكم بالهداية.

واعلموا أن من تعمد أذى جاره؛ أو لم يبال بالأذى الذي يلقيه قرب داره؛ فإنه قد يكون من الذين ذكر الله جل وعلا فيهم كزوجة أبي لهب حينما قال جل وعلا: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:١ - ٤] التي تحمل الحطب والشوك وتجعله بطريق رسول الله {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد:٥] حبلٌ من النار عياذاً بالله من ذلك، نسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليكم بالهداية.