للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الولاء والبراء وأهميته وأدلته]

جديرٌ بنا في صدر هذه الكلمات أن نعرف الولاء والبراء، الولاء هو: النصرة والمحبة والإكرام والاحترام، من نصرته وأحببته وأكرمته واحترمته، فأنت تواليه، وله في نفسك ولاء، وكونك معه ظاهراً وباطناً، فذلك أيضاً من الولاء، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:٢٥٧] فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم، وإظهار المودة لهم بالأقوال، أو بالأفعال، أو حتى بالنوايا، أي قلب أضمر أو انطوى على حب للكفار، حتى وإن لم يصدر منه قول أو فعل يدل على ذلك، فليعلم أن مسألة الولاء والبراء في نفسه فيها خلل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الولاية ضد العداوة، وأصلها المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد.

والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه كما ذكره ابن أبي شيبة في المصنف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) وفي الصحيحين أيضاً عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم بايعه، قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر منها قال: على أن تنصح لكل مسلم، وأن تبرأ من الكافر) والله المستعان على ما نرى ونسمع في هذا الزمان من ذوبان مسألة الولاء والبراء إذا عرفنا معناها على ضوء ما سلف ذكره.

لقد أصبح غالب أحوال الناس اليوم ولاؤهم وبراؤهم لأجل هذه الدنيا: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة:٥٨].

أما البراء فهو: البعد والخلاص، والعداوة بعد الإعذار والإنذار، قال ابن الأعرابي: برئ إذا تخلص، وبرئ إذا تنزه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر، ومنه قول الله تعالى في صدر سورة التوبة: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة:١] أي: إعذارٌ وإنذار.