للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسائل لا تقدح في الولاء والبراء]

السؤال

فضيلة الشيخ! سعد البريك أسعده الله في الدنيا والآخرة: هل تقليد الكفار لاعبين أو ممثلين يعتبر ناقضاً من نواقض الولاء والبراء؟

الجواب

قبل أن أجيب على ذلك هنا مسائل دقيقة تتعلق بصلب الموضوع ولابد من ذكرها، فمع تأكيدنا على قضية الولاء والبراء فيجوز للمسلم أن يرد السلام، يعني: إذا سلم الكافر على المسلم بتحية معلومة إذا علمتها وما تضمنتها، فتحيي بمثلها، فإذا قال لك الكافر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليكم السلام.

الآخر: إذا حييت بتحية ولم تعرف مضمونها، فقل: وعليكم، كذلك إذا دعاك الكافر إلى مناسبة تطمع في كف شره بحضورك، أو في استدرار خير منه لنفع المسلمين، أو في هدايته إلى الله عز وجل، فلك أن تجيب، والنبي صلى الله دعته يهودية فأجاب، ودعاه يهودي إلى خبز شعير فأجاب، كذلك الولاء والبراء لا يمنع من المعاملة كالبيع والشراء، إلا أن قصدك الشراء من المسلمين ومصانعهم والبلاد الإسلامية ينبغي أن يقدم على ما عند الكفار ما استطعت إلى ذلك سبيلا، بل وأنت تذهب لتشتري الآن خضاراً من السوق، فتجد دكاناً فيه عامل كافر ودكاناً بجواره فيه عامل مسلم، من الولاء أن تتجه إلى هذا الدكان الذي فيه العامل المسلم وتشتري منه، وتدع الدكان الذي فيه العامل الكافر، حتى وإن كان صاحب الدكان مسلماً؛ لأنك بعقيدة الولاء والبراء تقاطعه حتى تأتي بعامل مسلم مكان هذا الكافر، وقس على ذلك أموراً كثيرة.

كذلك المعاملة مثلاً: شركة كافرة احتاجت إلى أعمال وعمال وخبرات، ومن المسلمين من عنده هذه الخبرة، ووجدها وظيفة مناسبة، أو لم يجد من المسلمين من يعطيه هذه الوظيفة التي تناسبه ويحتاج إليها، نقول: يجوز لك أن تعمل، فإن علي بن أبي طالب قد نزح الدلاء ليهودي على تمرات كان يعطيه إياها.

كذلك ليس من الولاء والبراء ظلم الكافر: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:٨] فمهما كان الكافر كافراً، إلا أن كفره لا يجيز لك ظلمه، بل قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} [الممتحنة:٨ - ٩] فمعاملة الكافر بالحسنى -كما قلت- رجاء خيره للمسلمين، حتى وإن لم تطمع في إسلامه، لكن كي يصير في معاملته هذه خير للمسلمين، على سبيل المثال: قد نعامل دولة كافرة معاملة حسنة من أجل أن ينعكس الوضع على الجاليات المسلمة التي تعيش في بلاد الغرب، هذا التعامل لمصلحة وهو مقصود، ليس من شرط أي تعامل تقوم به الدولة أو الجهات المسئولة أن تقول: انتبهوا لا تسيئوا فينا الظن، فنحن نبين لكم ما هو قصدنا، لا.

وبالمناسبة ندعو في عدم المسارعة في الأحكام على الهيئات والمؤسسات والنظم وغير ذلك، لكن كل شيء بضوابطه، والله أعلم بالنيات، فكل تعامل مع الكافر يراد منه دفع وكف شر الكافر عن المسلمين سواءً كان كف شرهم عنا، أو كف شرهم عن المسلمين هناك في بلادهم، أو رجاء خير للمسلمين، أو نعلم بأهميته، فلا يدخل ذلك فيما يجري النهي فيه.