للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفراغ أول أسباب السفر المحرم]

عباد الله! إن من أهم أسباب هذه المشكلة الفراغ، فهو الذي يدعو الإنسان للتفكير في هذه الأمور جميعاً، ويوم أن كان الناس مشتغلين بأقواتهم وأرزاقهم وما يسد رمقهم، وما عندهم من الذرية ما كانوا يفكرون بشيء من هذا، الفراغ هو الذي يدعو الإنسان للتفكير في كل هذه الأمور، ما دام الإنسان منشغلاً عن الواجبات والمندوبات فلن يبقى أمامه إلا الوقوع في المحرمات.

والفراغ يا عباد الله ليس فراغاً دائماً، بل هو مرحلة بين مرحلتين؛ إذ الإنسان لا بد أن يكون منشغلا، إما منشغل بالواجبات والمندوبات وهي لاشك أكثر من الأوقات، ولا يستطيع إنسان أن يؤدي المندوبات إضافة إلى الواجبات، وأن يقوم بالحقوق جميعها إلا بجهد جهيد من تنظيم الوقت وعدم صرف جزء منه فيما لا فائدة فيه، فإذا لم ينشغل الإنسان بالواجبات والمندوبات فبم ينشغل؟ في أي شيء يقضي الوقت؟ بأي شيء يقتل الوقت؟ فيبدأ بالتهاون والتكاسل شيئاً فشيئاً حتى يدع أوجب الواجبات ويتهاون بها، ثم يعيش فترة من الفراغ الذي لا يدري أين يقضيه، فالشيطان قد صده عن القيام بالواجب، ولم ينتهِ شيطانه من التغلب عليه لإيقاعه في المحرمات.

إذاً ما فترة الفراغ إلا مرحلة صراع الشيطان للإنسان ليطمس على قلبه، وليضله ويقوده إلى مهاوي الرذيلة والضلال، الإنسان لا شك منشغل، ورحم الله القائل: نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

إذاً يا عباد الله الفراغ هو أول أسباب هذه المصيبة، أول أسباب ظاهرة السفر إلى بلاد الكفار والوقوع في ألوان المحرمات والانغماس فيها هناك.