للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الله تعالى يحب الإحسان إلى الخلق]

الأمر السادس أيها المؤمنون: أن الله جل وعلا كما حرم أذية الناس جعل من أعظم طرائق الصلاح والقرب منه الإحسان إلى الخلق، وكم من أنفس قد لا يكون منها كثير صلاة ولا صيام ولكنها جبلت على الإحسان إلى الخلق، يقول عليه الصلاة والسلام: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق).

ويخبر صلى الله عليه وسلم: (أن بغياً من بغايا بني إسرائيل رأت كلباً يلهث من العطش فسقته، فلما سقته غفر الله جل وعلا لها).

وذكر الله في القرآن تأديباً لعباده قصة نبيه موسى عليه السلام فقال عنه: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص:٢٤].

والإنسان يتساءل: إلى من نحسن؟ هذا أجاب عنه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك)، ويجاب عنه بأن الناس تختلف حقوقهم، فأعظم الناس حقاً الوالدان والمعلم والجيران وذوو الأرحام من القرابة، ثم يأتي بقية من له حق خاص أو عام، فهؤلاء الإحسان إليهم أفضل من الإحسان إلى غيرهم، كما أن الإساءة إليهم أعظم من الإساءة إلى غيرهم.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟! قال: أن تجعل لله نداً وقد خلقك.

قال: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك)، فجعل صلى الله عليه وسلم الزنا بحليلة الجار من كبائر الذنوب، أي: أن الزنا محرم في ذاته لكنه إذا وقع على جارة لها حق الستر وأن يراعيها الإنسان أكثر من غيرها لقرب الدار كان ذلك أعظم وبالاً وأشد خسراناً.