للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منة الله تعالى على خلقه]

وذكر الله جل وعلا نتفاً من أخبار أهل طاعته وأوليائه أنهم يجتمعون يوم القيامة في الجنة كما يجتمعون في الدنيا، قال الله جل وعلا عنهم: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:٢٥ - ٢٨]، فمنن الله جل وعلا على خلقه عامةً فيما سخره لهم أو على أفراد من عباده، كل ذلك تضمنته بعض آيات الكتاب العزيز.

فنقول والله المستعان: إن وجود المنن يدل على وجود المنان جل جلاله، كما أن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق، وعظمة المصنوع تدل على عظمة الصانع، فإن وجود المنن على العباد دلالة على أن هناك رباً لا رب غيره ولا إله سواه، والله تبارك وتعالى له على عباده المنة السابغة، والحكمة البالغة، وهو -تبارك وتعالى- لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا شريك معه ولا رب غيره ولا وزير له، تنزه وتقدس عن الصاحبة والولد، لا يتعاظم شيئاً أعطاه، يده سحاء الليل والنهار، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة:٦٤].

فهو -تبارك وتعالى- رب ذو فضل كريم العطاء واسع السخاء، ولا يمكن أن تكون هناك منن حتى يكون هناك رب عظيم جليل كريم رحمن رحيم يهب ويعطي، يخلق ما يشاء ويختار، والعلم بأن الله جل وعلا هو وحده المنان القادر على أن يهب من أعظم ما يجعل العبد عرضة لرحمة الله ونفحاته وعطاياه ومننه تبارك وتعالى، قال الله جل وعلا: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون:٨٩ - ٩٢].