للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نزول جبريل عليه السلام على رسول الله في الغار]

حبب إليه الخلاء فكان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد، ثم إنه صلى الله عليه وسلم في ليلة ٢١ من شهر رمضان على الأرجح لما أتم أربعين عاماً جاءه الملك بالنقلة التاريخية لشخصه، والنقلة التاريخية للكون كله، إذ بعثه الله رحمة للعالمين، رحمة من لدنه كما أخبر جل وعلا، جاءه الملك ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عهد بالملك أصلاً فأصابه من الرعب والفزع ما أصابه، قال له الملك: (اقرأ، قال: ما أنا بقارئ)، أي: لا أجيد القراءة أصلاً، (فردد الملك: اقرأ! ورسول الله باق على جوابه: ما أنا بقارئ)، فضمه الملك ثم تركه، ويضمه ثم يتركه حتى يشعره في تلك اللحظات أن هذا الحديث خارج عن حديث أهل مكة، فليست تلك رؤيا يراها أو حديثاً في نفسه يريد أن يتأكد منه، فكان الملك يضمه ثم يتركه حتى يبين له أن هذه ظاهرة منفكة عن حديث مكة، منفكة عن رؤى الأحلام، منفكة عن أحلام اليقظة.

ثم قال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:١ - ٥].