للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من هدي الأنبياء والمرسلين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

أيها المؤمنون! مما يستقى أيضاً من (نبأ المرسلين) أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الدين، بل إنه بالنسبة لنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمر قيض الله الخيرية به، قال الله جل وعلا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران:١١٠]، فجعل من شروط خيريتها أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر؛ ولذلك كان أنبياء الله ورسله يعملون بهذا الجانب العظيم، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولما كان إلا شراك بالله وعبادة الأوثان واتخاذ الأنداد دون الله هي أعظم المنكرات على الإطلاق، كان أنبياء الله ورسله يصرحون بهذا الأمر علانية: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦]، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٨٥]، فكانوا ينهون الأمم وينهون أقوامهم أن يعبدوا مع الله شيئاً، وصدع نبينا صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا ودعا قومه الأقربين والأبعدين وقال: (قولوا: لا اله إلا الله)، وقال لعمه وهو على فراش الموت: (يا عماه! كلمة أحاج لك بها عند الله قل: لا اله إلا الله).

ولما انتشرت في قوم لوط فاحشة اللواط كان لوط عليه الصلاة والسلام ينهى عن هذا المنكر، ويقول لقومه علانية: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:١٦٥].

ولما كان قوم شعيب رضي الله تعالى عنه قد بخسوا الكيل والميزان قال لهم شعيب ينهاهم عن ذلك المنكر: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود:٨٤]، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قواعد ليس هذا مجال بيانها وشرحها.