للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى (فظن أن لن نقدر عليه)]

السؤال

ما معنى قول الله جل وعلا: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:٨٧]؟

الجواب

هذه الآية الكريمة ذكرها الله جل وعلا في سورة الأنبياء في نبأ نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، قال الله جل وعلا: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:٨٧]، قد يبدو لأول وهلة أن المراد بقول الله جل وعلا: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أن نبي الله يونس غلب على ظنه أو على علمه أن الله لن يستطيع أن يفعل به كذا وكذا، ولا ريب أن هذا كفر ولا يمكن أن يقوله آحاد المؤمنين فضلاً عن نبي أرسله الله جل وعلا لتبليغ رسالته، ولما كان القرآن يفسر بعضه بعضاً فقد ورد في القرآن بيان هذا المعنى، قال الله تبارك وتعالى: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر:١٥ - ١٦] أي: ضيق عليه رزقه، فيحمل معنى الآية على أن يونس عليه الصلاة والسلام غلب على ظنه أن الله جل وعلا لم يضيق عليه، ولم يعاتبه على ما كان منه من تركه لقومه لما تركهم على ما هم عليه وغضب منهم كما أخبر الله جل وعلا، وخرج بعد أن يئس من دعوتهم، ولجأ إلى الفلك واستهم مع أصحابه، وكان آخر الأمر أن ابتلعه الحوت، وما وقع من فضل الله جل وعلا عليه، فهذا بيان قول الله تبارك وتعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:٨٧].