للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل يقال للشيعة إخوان أو لا؟]

السؤال

هل يقال للشيعة إخوان أو ما يقال لهم إخوان؟

الجواب

إذا قلنا: إن فلاناً مسلم فهو أخ سواء كان شيعياً أو غير شيعي، وإذا قلنا: إن فلاناً كافر فمستحيل أن يكون أخاً، حتى ولو كان ابن أمنا وأبينا، فالشيعة من حيث العموم مندرجون ضمن الفرق الإسلامية، وأما من حيث الأفراد فكل بحسبه، وما تستطيع أن تقيم الأمر على نفسه.

لكن هنا نقطة مهمة جداً في تبصير الناس، يقول شوقي: من الناس من ينطقه مكانه الذي يأتي في موقف سياسي أو ولي أمر أو أمير مسئول عن أشياء عامة لا يتكلم كالذي ليس وراءه مسئولية، وليس كالذي يتكلم بأي شيء آخر، فهناك أمور ما كلفك الله بها، فلا يحسن الانشغال بها، وليس المقصود أن كون الشيء حقاً أن تتكلم به، فقد يكون وراءه مفاسد أعظم منه.

والإنسان ينبغي أن يفقه هذا، وهذا يفهم من كتب التراجم، وذكرنا مراراً: إن رجاء بن حيوة كان من رءوس التابعين في عصره، وكان وزيراً لـ سليمان بن عبد الملك، وقد جلس مع مجموعة يتذاكرون نعم الله، فجاء رجل لابس بُرد أخضر فوقف عليهم، فقالوا: لا يوجد أحد يقدر أن يكافئ نعم الله، وهذا حق، فجاء هذا الرجل وقال: ولا أمير المؤمنين؟ وهذه تسمى في العامية لقافة، فما دخله من أمير المؤمنين، لكن قال: ولا أمير المؤمنين؟ قالوا: ولا أمير المؤمنين.

فذهب وأخبر أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين وهو سليمان كان جباراً جداً، حتى يقال: إنه قطع رأس محمد موسى بن نصير ابن موسى بن نصير ووضعه في صحن، ثم أدخله من تحت الباب في السجن، وأعطاه لأبيه لـ موسى بن نصير وهو في الثمانين، يكيده بولده؛ لأن موسى بن نصير كان قد أشار على الوليد أخي سليمان أنه يولي ابنه ولاية العهد ويترك سليمان، فمات الوليد قبل أن ينجز هذه المهمة، وآل الأمر إلى سليمان.

فجاء ذلك الرجل إلى سليمان وأخبره أن هناك أناساً يذكرونك ويسبونك ويقولون كذا وكذا ومعهم رجاء، ورجاء مبجل ووزير رجل صالح، وقد أخرج له البخاري في الصحيح، فاستدعى الملك سليمان استدعى رجاء، فقال: يا رجاء! يسب أمير المؤمنين وأنت تسمع؟! قال: ما سب أمير المؤمنين.

قال: بلى يا رجاء جلست أنت وفلان وفلان وفلان.

قال: يا أمير المؤمنين! ما وقع هذا.

فقال سليمان: يا رجاء! ألله ما وقع هذا؟ قال: والله! ما وقع.

فلما حلف صدقه، وصار الرجل كاذباً، فتحول على الرجل وأمر بجلده فجلد، فجلس الرجل في الساحة والدم ينزل من ظهره، فمر رجاء من عنده، وهذا الرجل يعرف أنه صادق، ورجاء رجل صالح تقي، فقال له: يا رجاء بن حيوة هل أنت تكذب؟ قال: يا ابن أخي! ثمانية أسواط في ظهرك لا تلبث أن تقوم منها خير والله من ضرب أعناق المسلمين.

والمقصود من هذا: أن كل شيء له وقت، فتعرف متى تتكلم أو تسكت، فالقضية ليست قضية أن الإنسان يظهر نفسه، فالله يقول عن مؤمن آل فرعون: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} [غافر:٢٨] فقدمها على الصدق وكأنه ليس مع موسى، وهو مؤمن، {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} [غافر:٢٨] وهذا شك، لكنه ما قصد الشك، وإنما قصد أن يبين لفرعون من غير مجابهة، {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ} [غافر:٢٨] ما قال كل شيء، {بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا} [غافر:٢٨ - ٢٩]، فهو مسلم لكن وضع نفسه مع فرعون وضع من يريد أن يوصل الخطاب، فالمواضع والأمور تختلف من حال إلى حال، ومن عصر إلى عصر، ومن بلد إلى بلد، ومن مصر إلى مصر، لكن أهم شيء أن الإنسان يتقي الله، ويتكلم على بينة، وعلى نور من الله.