للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة الإيمان بالقدر ومراتبه]

أيها المؤمنون! إن الصبر على المكاره، وانتظار فرج الله تبارك وتعالى منقبة عظيمة، وخصلة حميدة، واعلموا أنه لا يتم إيمان عبد بقضاء الله وقدره خيره وشره حتى يتم له الإيمان بأصول أربعة: أولها: الإيمان بعلم الله جل وعلا للمعدوم والموجود، وعلم الله للممكن والمستحيل، وأن الله علم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، قال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق:١٢].

وثانيها: الإيمان بأن الله كتب كل شي قبل أن يخلق الخلائق، كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنه) فما من مصيبة تقع إلا وقد كتبها الله أزلاً في اللوح المحفوظ.

وثالث ذلك: الإيمان بمشيئة الله الشاملة، وقدرته النافذة، قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٩].

أما رابعها فهو الإيمان بأن الله خالق كل شيء، أوجده وكونه وصيره على هيئته، قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:٦٢].

وصفوة القول أن الصبر رداء جميل، فتزينوا به في العسر واليسر، وتزينوا به في السراء والضراء، جعلني الله وإياكم ممن إذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:٣٢].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.