للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الابتلاء بالشهوات]

السؤال

إذا ابتلى الله سبحانه وتعالى عبده بالشهوات فهل هو دليل على محبته له؟

الجواب

الله جل وعلا يبتلي بكل شيء، والحياة دوائر، ومعنى (دوائر) أن الله إذا أراد أن يبلغ عبداً منزلة عالية يجعله في هذه الدوائر، فيبتلى بشيء قليل، فإذا نجح زاد في ابتلائه وهكذا، وكلما أعد الله لعبده منزلة عظيمة كان الوصول إليها بطريقة أعظم، برهان ذلك في كلام الله، فإن الصديقة مريم عليها السلام كانت تقية وهي في المحراب في بيتها لم يقع منها سوء، فلما أراد الله أن يجعلها صديقة بحق خرجت من قومها، فلما خرجت من قومها قال الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} [مريم:١٦] شرقي بيت المقدس، والنصارى إلى اليوم يعظمون جهة الشرق.

موضع الشاهد: أنها لما أصبحت منفردة لوحدها جاءها جبريل ليبلغها منزلتها عند الله، لكن حتى تعطى هذه المنزلة لا بد من اختبار، فتمثل لها جبريل في صورة شاب تام الخلقة حسن الوجه حتى يفتنها، فتعوذت بالله منه: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} [مريم:١٨] فلما تعوذت نجحت فقال لها جبريل: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} [مريم:١٩].

فلا نطلق القول بأن الابتلاء بالشهوات دليل على حب الله، لكن أي منزلة عظيمة لا يرقى إليها الإنسان حتى ينتصر على شهواته، والشبهات في المقام الثاني.

د