للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الجانب التعبدي في حياة الإنسان]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد: عباد الله! فإن ثالث الفوائد في خبر مقتل هذين الصحابيين الجليلين وآخرها: أنه ينبغي على المرء أن يكون ثمة جانب تعبدي عظيم في حياته، فإن عثمان قتل وهو صائم، وقتل وهو يقرأ القرآن، وعلي رضي الله عنه قتل وهو غادٍ إلى صلاه الفجر، والغدو إلى صلاه الفجر والصيام وقراءة القرآن كل ذلك من أجل العبادات.

فيجب أن يفرق الإنسان بين دوره الاجتماع، وحياته الوظيفية وبين أمره التعبدي، فإن الناس لا بد أن يتفاوتوا في حياتهم الاجتماعية ودورهم الوظيفي، ومسألة الغنى والفقر والجاه وغيره، هذه سنه الله جل وعلا في خلقه لكن ذلك بمنأى عن أن يعزل الإنسان ذلك عن جانبه التعبدي.

والمعنى: أنه ينبغي أن يكون للإنسان نصيب من العبادة والقرب من الله جل وعلا بصرف النظر عن موطنه، ويقع هذا على الأئمة والخطباء والعلماء والدعاة بصورة أكبر: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤].

والمقصود أيها المؤمنون! أنه كلما كان بين العبد وربه جانب تعبدي - من خلوات بالليل وحزب من القرآن يقرؤه وإكثار من النوافل والصيام وغير ذلك من الطاعات - كان حرياً بأن يكرم عند الله جل وعلا، وقد أثنى نبيكم صلى الله عليه وسلم على نبي الله داود وقد جمع الله له الملك والنبوة فقال صلوات الله وسلامه عليه: (كان داود أعبد الناس، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)، وذكر من صلاته في الليل ما ذكر.

والمقصود أنه ينبغي على المؤمن أن يكون له حظ من العبادة تكفر به الخطايا، وترفع به الدرجات، وتقال به العثرات، وتحل به العقد، وتدفع به الكوارث، وكل ذلك لا يكون إلا إذا كان العبد قريباً من الله جل وعلا.

ألا واعلموا أنكم في يوم الجمعة سيد الأيام، فصلوا فيه وسلموا على سيد الأنام: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم وارضَ عن أصحاب نبيك أجمعين، وخص منهم الأربعة الراشدين، واغفر لنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين.

اللهم إنا نسألك الإيمان، والعفو عما مضى وسلف من الذنوب والآثام والعصيان.

اللهم وفق إمامنا بتوفيقك وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك.

اللهم ارزقنا توبة نصوحاً نفيء بها إليك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وانصر أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كل مكان، اللهم اقهر عدوها واخذله يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اقهر عدو هذه الأمة واخذله أينما حل وحيثما كان يا ذا الجلال والإكرام.

عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.