للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرتبة الثالثة: المشيئة]

والمشيئة تعني أن الله كتب فشاء سبحانه وتعالى، ولا بد أن يؤمن العبد أنه لا يمكن أن يحدث شيئ إلا بمشيئة الله، فهجوم الروس على المسلمين بمشيئة الله، وضرب الأمريكان لأفغانستان بمشيئة الله، واحتلال اليهود لبيت المقدس وإفسادهم فيها بمشيئته، وظهور الحبشي قبل يوم القيامة وهدمه للكعبة واستخراجه لكنزها بمشيئة الله، وموت الرسول بمشيئة الله، وظهور المهدي في آخر الزمان بمشيئة الله جل وعلا، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فعلى العبد أن يعلم أن كل شيء بمشيئة الله، وأن ذلك من حكمة حكيم عليم إذا شاء شيئاً كان هذا الشيء خاضع لحكمته، قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الإنسان:٣٠ - ٣١] فمشيئته خاضعة لحكمته سبحانه وتعالى، وهي نافذة في كل شيء، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة:٢٥٣]، فلو شاء الله ما اقتتل الأفغان بعضهم مع بعض، ولا قاتل صدام ودخل على الكويت، ولا اقتتل اليهود مع المصريين عام سبعة وستين، ولا اقتتل يهود خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالله يقول: {َلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة:٢٥٣].

وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس:٩٩] إذ أن مشيئة الله نافذة إذا شاء شيئاً كان وإذا لم يشأ لم يكن.

وقال جل وعلا: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام:١١٢] فإنهم ما فعلوه إلا بمشيئة الله تبارك وتعالى، وكل ما سبق عن المشيئة فهو عن المشيئة الكونية، والإرادة الكونية غير الإرادة الشرعية التي هي المحبة.