للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مرتبة الكتابة]

المرتبة الثانية من مراتب القدر: مرتبة الكتابة، فالله قد كتب كل شيء في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق.

وإن العبد الذي يتعبد لله جل وعلا مقراً بمراتب القدر، يرتاح ولا يتبرم في الدنيا عند حلول مصائبها؛ لأنه يعلم أن الله قد كتب كل شيء.

ولكن القول بأن الله كتب كل شيء كلمة مجملة تحتاج إلى تفصيل، وتفصيلها هو الكلام عن مراحلها.

والكلام عن مراحل الكتابة مهم جداً، فإن أرزاق العباد وآجالهم، وتحديد أهل الجنة وأهل النار وغير ذلك كله قد كُتب في اللوح المحفوظ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب قال: ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وأما كيف كتب القلم؟ فالله أعلم بذلك، لكن القلم تكلم مع الله، فأمره الله أن يكتب فقال: سمعت وأطعت، فكتب كل كبيرة وصغيرة، وليس المكتوب في اللوح المحفوظ هو ما يتعلق بالبشر أو المخلوقات فقط، بل هو عام فيها وفي غيرها، وذلك أن الكلام صفات من صفات الله، وهذه الصفة قد كتبت في اللوح المحفوظ.

وهناك كتابة تكون في الرحم، وتسمى: الكتابة العمرية، وأما الكتابة التي تكتبها الملائكة كل يوم على الإنسان فهي الكتابة اليومية، وهناك أيضاً الكتابة العامية، وهي التي تكون في ليلة القدر.

وهنا سؤال، وهو: هل المكتوب في اللوح المحفوظ له أمد أو ليس له أمد؟

الجواب

إن له أمداً؛ لأنه جاء في الحديث: أن القلم قال: (ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، ولا شك أن هناك أحداثاً بعد يوم القيامة، وذلك مثل من سيتزوج الحورية الفلانية من الحور العين، ونحو ذلك.

فأفعال الله جل وعلا معنا بعد دخول الجنة وغيرها من هذه الأمور فإنها لم تكتب، ولم يكتب كل شيء يحصل بعد يوم القيامة، لكن كتبت بعض الأحداث كرؤية الله تعالى، والنعيم عند زيارته كل أسبوع وغيرها.

وصفات الله جل وعلا مكتوبة في اللوح في المحفوظ من نزول، ومجيء، وكلام وإعطاء، وإحياء، وإماتة.

وهناك كتابة أخرى أيضاً فيها صفات الله جل وعلا كصفة الرحمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كتب ربكم في كتاب عنده - عند العرش - رحمتي سبقت غضبي).

والرحمة والغضب صفتان من صفات الله جل وعلا.

وكذلك مكتوب في اللوح المحفوظ أن الله جل وعلا سيتكلم مع موسى بقوله: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي} [الأعراف:١٤٤] ومكتوب أيضاً أن موسى سيقول: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف:١٤٣] فيجيبه الله جل وعلا بقوله: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣] ومكتوب أيضاً نزول الله كل ليلة إلى السماء الدنيا.