للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال الصديقين وحال المنافقين في غزوة الخندق]

لقد فصل الله بين صف الصديقين وصف المنافقين في غزوة الخندق، لما تألب الناس من مشارق الأرض ومغاربها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى إنه لم يستطع أحد من الصحابة أن يقضي حاجته، وعندما ظهرت كدية كبيرة وهم يحفرون الخندق ولم يستطيعوا أن يفعلوا لها شيئاً، جاء النبي صلى الله عليه وسلم فضربها حتى فلقها نصفين، ثم قال: (الله أكبر، أعطيت الكنزين: الأحمر والأصفر)، يعني: بلاد فارس والروم.

فلتصديق ويقين وإيمان الصحابة صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب:٢٢].

أما المنافقون الذين في قلوبهم ريب فقالوا: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:١٢]؛ لأن الريب يملأ قلوبهم.

فالإيمان يزيد وينقص، ومحله القلب، فيزيد بالتصديق، بأعمال القلب من إخلاص ومحبة ويقين وتوكل على الله جل وعلا، وهناك أمثلة كثيرة جداً في التوكل، فمنها: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً).

وكما فعل كثير من الصحابة كان يكتفي بقوت يومه؛ لأنه يعلم أن الرزق بيد الله، وكان الحسن البصري تاجراً فكان يعرض بضاعته فإذا اكتفى بقوت يومه انتهى، وقال: الحمد لله، وأخذ تجارته، قالوا: يا رجل يأتي الناس إليك لتربح في التجارة، قال: علمت أن رزقي بيد ربي ولن يصل إلى غيري فاطمأن قلبي.