للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأدلة العقلية على أن القرآن كلام الله]

أما العقل: فالأخرس أو الساكت لا يتكلم لا بخير ولا بشر، فليس بأكمل من المتكلم، إذاً المتكلم كامل الصفات فإذا قلت: إن له صفات هل له صفات النقص أم صفات الكمال؟ فإذا قلنا بالعقل: إن الله جل وعلا له الكمال والجلال المطلق وصفات الكمال، فمن صفات الكمال أن يكون متكلماً؛ لأنه إذا لم يقدر على الكلام فإن هذا نقص، ألم تروا أن الله جل وعلا أنكر على بني إسرائيل أنهم عبدوا العجل، والعجل لا يتكلم ولا يرجع إليهم قولاً، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف:١٤٨]، وقال: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا} [طه:٨٩]، إذاً الله جل وعلا بين لهم أنه إذا لم يتكلم فهو ناقص، والله جل وعلا له الكمال المطلق والقدرة على الكلام.

قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:١٩ - ٢٠] فجعل القول قول الرسول الكريم وهو جبريل، وفي الآية الأخرى جعله من قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فالله جل وعلا نسب القول له على أنه مبلغ عن الله جل وعلا؛ لأنه هو الذي يبلغ عمن أرسله، فهو رسول والصفة هذه هي التي تحل الإشكال: ((لَقَوْلُ رَسُولٍ)) [التكوير:١٩] ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس النبي صلى الله عليه وسلم هو القائل بل هو الناقل عن الله جل وعلا: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء:١٩٣] فإن قال قائل: نزل به بعدما سمع من الله جل وعلا وحفظه فنزل به.

ف

الجواب

ماذا تقول في قول الله جل وعلا {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر:٤٢] والله لا يتوفى ولكنه أمر ملك الموت، كما تقول: بنى عمرو بن العاص الفسطاط في القاهرة في مصر، فهل عمرو بن العاص هو الذي بناه بيديه؟ لا.

بل بأمر منه ولذلك نسب إليه.