للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[وصف الجنة]

لسنا بصدد وصف الجنة والنار، لكن نمر عليها مرور الكرام، أما الجنة فقد بينها الله لنا إجمالاً تشويقاً للقلوب كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: (أعددت لعبادي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).

وهناك أنهار في الجنة كما ورد في بعض الآثار: أن المرء يأخذ النهر ويمشي به حيث ما أراد من كرامة الله لأهل الجنة، فأنهار الجنة أصناف مختلفة متنوعة: الصنف الأول: {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِن} [محمد:١٥] أي: غير مشوب، وغير مكدور أبداً، فالماء صافٍ أصفى من الماء الذي تراه الآن.

الصنف الثاني: {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد:١٥] أي: أحلى ما يكون، وأطعم ما يكون مذاقاً للعبد المؤمن في الجنة.

الصنف الثالث: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد:١٥] ففي الجنة خمر لا يذهب بالعقول، بل يتمتع بها من امتنع عنها في هذه الدنيا، وقد وصفه الله جل وعلا وصفاً بديعاً بقوله: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ} [الواقعة:١٩] أي: لا يأتيهم الصداع، ولا تذهب بعقولهم، ولا يتمايلون ويتبخترون كما يفعل أهل الدنيا، يرزقهم الله هذه الخمر، وهي خمور نقية أعدت للمؤمنين.

الصنف الرابع: {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ} [محمد:١٥] وهذا اللبن أطعم ما يكون مذاقاً في الجنة.

وأهل الجنة إذا اشتهى المرء منهم شيئاً جاءه سريعاً إلى مكانه، يعني: لو نظر إلى الطير فاشتهاه لجاءه سريعاً مشوياً جاهزاً محضراً له، فقط عندما يشتهيه! أما ما في الجنة من خير ومتعة الشهوة لأهل الجنة فقد بينه الله جل وعلا بأكبر وصف، وأمتع وصف، وأوجز وصف حيث قال: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:٥٦] ولو لم يكن لها ميزة إلا هذه الميزة لكفت، إذ إن المرأة إذا قصرت طرفها على زوجها كانت من أفضل نساء العالمين، والله جل وعلا بهذه الميزة خلق كل حور العين للمقربين.

وهذا يبين لك الفرق بين المقرب وبين صاحب اليمين، حيث قال الله تعالى عن حور صاحب اليمين: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ} [الرحمن:٧٢] أي: قصرهن الله جل وعلا، بخلاف أولئك فقد خلقن أصالة قاصرات الطرف، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الحور: (تنظر إليه فتقول: والله! ما خلقت إلا لك، وما رأيت أجمل منك، وما زلت تزداد لي بهاءً، ثم تغني له: نحن الجميلات التي لا نبأسن، نحن الخالدات التي لا نمتن، ويرى مخ ساقها من وراء لحمها من شدة بياضها وجمالها).

والمرأة في الدنيا عندما ترفض أن تلتقي بزوجها إن أرادها فإن الملائكة تلعنها، وتأتي حور العين وتقول: لا تفعلي معه هذا -انظر: ضرائر في الدنيا وفي الآخرة- إنه ليس لك، إنه لي وسيأتيني قريباً، يعني: سيموت ويدخل الجنة إن كان من الصالحين.

وللمرء اثنتان من حور العين، أما الشهيد فله سبعون حورية من حور العين، رزقنا الله وإياكم الشهادة وطلبها بصدق من الله جل وعلا.

وأما أشجار الجنة فقال الله تعالى عنها: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة:٣٠] فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، وفسرها صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن في الجنة شجرة يسير فيها الراكب أربعين سنة)، وهذا تفسير لقول الله تعالى (في ظل ممدود).

والثمار بينها الله جل وعلا بقوله: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة:٢٠ - ٢١] نسأل الله جل وعلا أن نكون من أهل الجنة.