للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الزواج بالكتابية]

السؤال

هل يجوز أن يتزوج الرجل امرأة من أهل الكتاب وهو يعلم أنها قد وقعت في الزنا؟

الجواب

الشروط التي اشترطها الله للزواج من أهل الكتاب معلومة وهي: أولاً: أن تكون من أهل الكتاب حقاً.

ثانياً: أن تكون محترمة ذات حشمة، بل أرتقي وأقول: المسلمة الزانية لا يصح العقد عليها؛ لأن الله جل وعلا يقول: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:٣]، ولذلك من المحرمات في النكاح -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العقد بين الحر العفيف والزانية.

فإن كان لا يجوز أن يعقد على امرأة مسلمة زانية، فمن باب أولى إن كانت زانية من أهل الكتاب.

ولا بأس في الزواج من العفيفة من أهل الكتاب؛ لقول الله تعالى في سورة المائدة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة:٥].

أما الزانية فشرط الجواز قد اختل، والحكم يدور مع علته حيث دارت، لكن لا ينبغي أن نقول: إنه لا يجوز النكاح من أهل الكتاب عموماً؛ لأننا بذلك عطلنا ظاهر الكتاب، وإجماع الصحابة على جواز الزواج من الكتابية، والآية ظاهرة في ذلك، فإن وجدنا المحصنة -إن شئنا- تزوجناها، وإلا فلا.

ولو زنت الكتابية مرة واحدة ثم كفت عن ذلك فهل هذا توبة لها؟

الجواب

الضابط أن يطهر فرجها.

وتعرف ذلك بأن تسأل جيرانها، أو من يعيش معها، فإن كان جيرانها فاسقون فابحث عن أخرى ممن تمتنع عن الفاحشة، ولا نظلم أهل الكتاب بالقول بعدم وجود عفيفات فيهم بل ذلك موجود بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن معاوية: (إن أهل الكتاب سيتملكون الدنيا بحسن أخلاقهم) أي: بحلم وعطاء وبر وغيرها من الأخلاق العالية التي هي من أخلاقيات الإسلام، شعروا أم لم يشعروا.

والزنا عندهم في الإنجيل حرام، فالمتدينات من نسائهم لا يزنين.

وكذا من كان عندهن نخوة وكرامة، وأخلاقيات عالية يترفعن عن هذا.

والزواج بالمسلمات لا ريب أولى، ومن كان من الفئة التي تتغرب لعلم معين تنتفع به الأمة، لا للدنيا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا بريء ممن يقيم بين أظهر المشركين) يعني: ممن يقيم عندهم لا لمصلحة شرعية، فهذا إن خاف العنت نقول له: يجوز أن تتزوج كتابية، لكن تحرى أن تكون محصنة.

ويحذر من مغبة مخالفة النبي صلى الله علي وسلم بالبقاء بين أظهر المشركين لغير مسوغ شرعي.