للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل علي وطلحة والزبير رضي الله عنهم]

سعد الذي خرج على بعض الناس فوجدهم يتكلمون في علي وطلحة والزبير، ويتكلمون في علي، بطل الإسلام وفارس خيبر، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يجعل الله الفتح على يديه)، وكان يقول رضي الله عنه: أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره وكان يفتح الله عليه الفتح الذي لا يمكن أن يفتح على مثله، ففي يوم الخندق قام عمرو بن ود فارس أهل الكفر -وكان أشد ما يكون على المسلمين- متبختراً بقواه وشدته يقول: أما تشتاقون إلى الجنة، أما زعمتم أن الذي سيقتل منكم يدخل الجنة، أما واحد منكم يشتاق إلى الجنة، أما ينزل لي إلى ساحة الوغى أحد؟ فيقوم علي، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس يا علي! فيقول عمرو بن ود: -يصرخ بقوة الفاجر، وعزة زائفة زائلة بفضل الله سبحانه وتعالى- أما منكم من أحد يشتاق إلى الجنة؟ فيقوم علي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: اجلس يا علي! وفي الثالثة قام علي، فقال: اتركني يا رسول الله! فقال رسول الله: يا علي! إنه عمرو بن ود، قال: وأنا علي بن أبي طالب، فاختلف في الضربة فقتله الله جل وعلا على يد علي رضي الله عنه.

وأما الزبير فهو أول من أشهر سيفاً في سبيل الله جل وعلا، وذلك عندما أُشيع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فقام عرياناً -لم يستر عورته- وأشهر سيفه في أهل مكة، فلقب بأنه أول من أشهر سيفاً في سبيل الله جل وعلا.

أما طلحة رضي الله عنه، فقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: طلحة الخير.

أي: أنه صلى الله عليه وسلم لقبه بهذا اللقب العظيم، طلحة الذي كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: يا رسول الله! لا ترفع رأسك، حتى لا يصيبك أذى، نحري دون نحرك يا رسول الله! وكان يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السيوف بيده، حتى شلت يده رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما صاحبكم فقد أوجب.

نعود إلى سعد بن أبي وقاص عندما رأى هؤلاء المتنطعين يتكلمون في هؤلاء الثلاثة، فقال للرجل منهم: اتق الله، وانته عن سب أصحاب رسول الله، فلم ينته الرجل، فقال: والله لأدعون عليك.

فقال له الرجل: أتخيفني بنبي من الأنبياء.

أي: أن دعوته لا ترد، فقام سعد فتوضأ ثم رفع يديه وقال: اللهم إنك تعلم أن هؤلاء يتطاولون على أصحاب رسولك صلى الله عليه وسلم، اللهم فأرني فيه آية.

فند بعير بعد ما أنزل سعد رضي الله عنه يده، ففرق الناس، وكأنه يقصد ذلك الرجل الذي لم ينته عن سب أصحاب رسول الله، فقصده البعير فوطأه حتى قتله، فقالوا: يا أبا إسحاق! قد أرانا الله فيه آية.