للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوال الصحابة والتابعين في أن لكل إنسان قريناً وتحذيرهم من وسوسته

قال: [وعن ابن عمر قال: كيف تنجو من الشيطان وهو يجري منك مجرى الدم؟!] والاستفهام هنا إما للتعجب، أو للنفي، فاجتهد قدر الإمكان أن تنجو.

[وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: أرأيتم لو أن رجلاً رأى صيداً فجاءه من حيث لا يراه الطير يوشك أن يأخذه؟ قالوا: بلى].

وذلك لأنه ينقض عليه في حين غفلة منه، وهذا أمكن في السيطرة.

[فقال مطرف: فكذا الشيطان يراك ولا تراه]، فهو يتحين منك لحظة غفلة ينقض عليك ويوقعك في المعصية.

وعن عبد الله بن عبيد بن عمير: (أن إبليس قال: أي رب! أخرجتني من الجنة من أجل آدم، وأني لا أستطيعه إلا بسلطان)] أي: أنا لا أستطيع أن أتسلط عليه إلا أن تمكنني من ذلك، فهذا إبليس يعلم أن كل شيء من عند الله تعالى.

[قال: (قال: فإنك مسلط عليه -أي: على آدم- قال: أي رب! زدني؟ قال: لا يولد له ولد إلا لك مثله)] فالشياطين يتناسلون خلافاً للملائكة.

قال: [(قال: أي رب! زدني؟ قال: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء:٦٤]، قال آدم: أي رب! إنك سلطته علي ولا أمتنع منه إلا بك) أي: لا أستطيع العصمة منه ومن حبائله ووسوسته إلا بك.

[(قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من يد السوء - أي: من إبليس والشيطان - قال: أي رب! زدني؟ قال: حسنة عشراً وأزيد، والسيئة واحدة)] يعني: إذا وقعت في السيئة كتبتها واحدة، وإذا فعلت الحسنة كتبتها حسنة إلى عشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء.

[(قال: أي رب! زدني؟ قال: باب التوبة مفتوح ما دام الروح في الجسد، قال: أي رب! زدني؟ قال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣]) وعن عمر بن عبد العزيز قال: لو أراد الله ألا يعصى ما خلق إبليس]، إذاً: لما خلق إبليس أراد أن يعصى، أي: أذن في وجود المعصية وفي خلقها، وأرادها إرادة كونية قدرية لا إرادة شرعية دينية.

قال: [فقد فصل لكم وبين لكم: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات:١٦٢]-أي: بمضلين- إلا من قدر عليه أن يصلى الجحيم].

[وعن مجاهد: في قول الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} [الأعراف:٢٧] أي: الشيطان والجن يراكم هو وقبيله وأبناؤه وولده من حيث لا ترونهم].

قال الشيخ ابن بطة: [فهذه الأحاديث كلها موافقة لما نطق به التنزيل من تسليط الله إبليس وجنوده على بني آدم، وما قد ذكرناه في أول هذا الكتاب].