للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى الفطرة في حديث: (كل مولود يولد على الفطرة) عند ابن بطة رحمه الله]

قال الشيخ ابن بطة: [وما أكثر من عشيت بصيرته عن فهم هذا الحديث -أي: أصابه العشى- فتاه قلبه، وتحير عقله، فضل وأضل به خلقاً كثيراً، وذلك أنه يتأول الخبر على ما يحتمله عقله من ظاهره، فيظن أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كل مولود يولد على الفطرة): أراد بذلك أن كل مولود يولد مسلماً مؤمناً].

وهذا الذي نفهمه جميعاً من الحديث، بل لو سألت شخصاً فقلت له: ما المقصود بالفطرة في قول النبي الكريم: (كل مولود يولد على الفطرة؟) فالكل سيقولون: الإسلام، لكن انظر إلى كلام الشيخ ابن بطة عليه رحمة الله، يقول: ما أكثر من عشيت بصيرته عن فهم هذا الحديث، فتاه قلبه وتحير عقله فضل وأضل.

وهذا زجر شديد جداً، فهو ينعى على من فهم أن الفطرة هي الإسلام، فيقول: هذا كلام غير صحيح.

قال: [وإنما أبواه يهودانه وينصرانه، فمن قال ذلك أو توهمه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل وعلى رسوله، ورد القرآن والسنة، وخالف ما عليه المؤمنون من الأمة].

إذاً: نحن بذلك ضائعين؛ لأننا نفهم أن الفطرة هي الإسلام.

قال: [وزعم أن اليهود والنصارى يضلون من هداه الله عز وجل من أولادهم، ويشقون من أسعده الله، ويجعلون من أهل النار من خلقه الله للجنة، ويزعمون أن مشيئة اليهود والنصارى والمجوس في أولادهم كانت أغلب، وإرادتهم أظهر وأقدر من مشيئة الله وإرادته وقدرته في أولادهم، حتى كان ما أرادته اليهود والنصارى والمجوس، ولم يكن ما أراده الله، تعالى عما تقوله القدرية المفترية على الله علواً كبيراً].

إذاً: هو بذلك جعلنا قدرية!