للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سابق علم الله في خلقه]

قال: [وعن عبد الله بن شقيق عن رجل قال: (قلت: يا رسول الله! متى خلقت نبياً؟ قال: إذ آدم بين الروح والجسد) أي: في الوقت الذي كان فيه آدم جسداً، وقبل أن تنفخ فيه الروح، فعلم الله تعالى في الأزل أنه سوف يخلق محمد بن عبد الله، وأنه سيكلفه الرسالة والنبوة، وآدم بين الماء والطين، أو بين الروح والجسد، لكن هذا لا يعني صحة ما يقولون: يا أول خلق الله! ونور عرش الرحمن! إذ إن كل هذه أشعار وأوراد شركية والعياذ بالله قال: [وعن ابن شقيق قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! متى كنت نبياً؟ فقال الناس: مه -أي: ما هذا السؤال؟ إنه سؤال عجب لا ينبغي أن يوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمة: (مه) كلمة تعجب واستغراب- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: دعوه، كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد)]، وهذا يدل على سابق علم الله عز وجل في خلقه.

قال: [وعن سليمان بن موسى قال: لما نزلت: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير:٢٨]، قال أبو جهل لعنه الله: الأمر إلينا: إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم]، أي: أن الله تعالى ليست له مشيئة نافذة في الخلق، وإنما الخلق يشاءون ما شاءوا وما أرادوا، فإن شاءوا الهداية اهتدوا، وإن شاءوا الشقاوة شقوا، وإن شاءوا الغنى صاروا أغنياء، وإن شاءوا الفقر صاروا فقراء، هكذا قال أبو جهل، وهو يعتمد على قول الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير:٢٨]، فجعل المشيئة إليه، فقال: الله تعالى جعل المشيئة إلينا، فإن شئنا استقمنا وإن شئنا ضللنا، إذاً فالهداية والضلالة بيد أبي جهل!! هكذا قال.

قال: [فأنزل الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٩]].

قال: [وعن الأعمش قال: استعان بي مالك بن الحرث في حاجة] أي: أن مالكاً بن الحرث أتى يستشفع بالإمام الأعمش عند صاحب الحاجة حتى يقضيها له.

قال: [قال: فجئت وعلي قباء مخرق -عباءة مخرقة- فقال لي: لو لبست ثوباً غير هذا] أي: لا يصح أن تلبس هذا الثوب المخرق وندخل على العظماء، بل لابد أن تلبس أفضل ما عندك، وأحسن ما عندك، وتتهيأ للقاء هؤلاء الأفاضل.

قال: [قال: قلت: امش، فإنما حاجتك بيد الله عز وجل]، فانظروا إلى هذا التوكل، إذ إن حاجته بيد الله عز وجل لا بيد هذا الملك أو الزعيم أو السلطان أو الكبير، إنما هي بيد الله عز وجل، إن شاء أمضاها وإن شاء منع، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى، فليس الثوب المخرق هو الذي يمنع، وليس الثوب الجديد هو الذي يجلب.