للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم أهل السنة والجماعة على الجهمية وتقسيمهم لهم إلى درجات]

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد: في الدروس الماضية تكلمنا عن مؤسس فرقة الجهمية وهو الجهم بن صفوان، وذكرنا طرفاً من شيوخه، ويحلو للإنسان أن يسميها سلسلة أهل النار، وتكلمنا في المحاضرة الأخيرة عن طرف من تاريخ الجهمية.

وقد أطلق أهل السنة وعلماء السنة لقب الجهمية على الذين ينفون أسماء الله تعالى وصفاته.

فمعتقد الجهمية متعلق دائماً بالأسماء والصفات، والجهمية ليسوا جميعاً على درجة واحدة، وليسوا مذهباً واحداً فبينهم اختلافات، فالجهمية فرقة أساسية كبيرة، تفرقت فيما بينها إلى فرق داخلية، وهذا شأن أي فرقة من الفرق؛ ولذلك كثير من أهل العلم لما تعرض لشرح حديث النبي عليه الصلاة والسلام في افتراق الأمة ذكر من الفرق فرقتين وثلاث فرق وأربع فرق خطأً؛ لأن هؤلاء جميعاً يدخلون تحت مسمى الشيعة مثلاً، فالشيعة فرقة أساسية افترقت فيما بينها إلى ثلاث: غلاة، وإمامية، وزيدية، فهو عد الغلاة فرقة، والزيدية فرقة، والإمامية فرقة، وفي الحقيقة أن هؤلاء جميعاً فرقة واحدة، وكذلك فرق الجهمية الفرعية التي تندرج في نهايتها تحت فرقة واحدة وهي الجهمية ظن بعض أهل العلم أنها كذلك فرق، فجعل فرق الأمة أكثر من مائتي فرقة، وهذا خطأ، ويصطدم مع حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما الخطأ في فهم من تصور أن الفرع الذي انبثق من الأصل في داخل الفرقة الواحدة يعد فرقة لوحدها؛ ولذلك فالجهمية درجات: