للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث سعد بن أبي وقاص في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه]

قال: [وقال سعد بن أبي وقاص عند فتنة مقتل عثمان: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنها ستكون فتنة: القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي.

قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي أو بسط إلي يده ليقتلني؟ قال: كن كابن آدم الذي قال: {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [المائدة:٢٨ - ٢٩])].

ولعل شبهة تطرأ على بعض العلماء، وهي قوله عليه الصلاة والسلام: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد)، ليس هناك أدنى تعارض بين هذين؛ لأن هذا الحديث في الفتنة الخاصة، أما الأحاديث التي بين أيدينا ففي الفتنة العامة.

فلو أن رجلاً دخل عليك ليغتصب امرأتك؛ وجب عليك الدفاع عنها وعن عرضك: إما أن تقتله، وإما أن يقتلك.

وإذا أراد أحد أن يأخذ مالك حتى وإن كان مسلماً، فدخل عليك بيتك، فقاتلك ليأخذ مالك؛ فقاتلته، فإن قتلك فأنت شهيد، وإن قتلته فلا دية ولا قصاص عليك، فهذا كله في الفتنة الخاصة، أما الفتنة العامة فاهرب منها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

وإن دُخِلَ عليك في بيتك فسلم نفسك للقتل، لا شيء عليك، بل أنت مأجور غير مأزور، وأما المأزور فهو الذي قتلك، هذا في الفتنة العامة؛ ولذلك قال له: (أفرأيت إن دخل علي بيتي، أو بسط إلي يده؟) فماذا كان الجواب؟ كان جواب سعد بن أبي وقاص أن قال: كن كابن آدم الأول الذي قال: ((مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) يعني: اقتلني إذا كنت تريد ذلك.