للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو كيف يتصرف عندما يكون بين حثالة الناس]

قال: [وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس)].

والحثالة: هي ما يسقط من قشر الشعير والأرز، أو هو الحشف الرديء من التمر، أو سائر المطعومات.

قال: (كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟)، أي: في سقط الناس ورعاعهم، ليس فيهم أهل تقوى ولا أصحاب دين ولا غير ذلك، فماذا تصنع؟ [(قال: قلت: يا رسول الله! كيف ذاك؟)] سؤال فيه تعجب! أي: هل يبلغ الأمر بالناس إلى أن يكونوا حثالة؟ [(قال: مرجت عهودهم وأماناتهم؛ فكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه)].

يعني: اختلط الحابل بالنابل، واختلط الطيب بالخبيث، ولم يعرف الحرام من الحلال، وإن عرفوه لم يلتزموا الحلال، ولم ينتهوا عن الحرام؛ أمور كلها تداخلت، فكان الليل فيه نهار، والنهار فيه ليل، اؤتمن فيها الخائن، وخون فيها الأمين، وكذب فيها الصادق، وصدق فيها الكذوب، وغير ذلك كما هو واقع المسلمين اليوم.

إن أحاديث هذا الباب علم من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام، أخبر بالأمور الغيبية التي تكون فكانت، وتعيشها الأمة منذ زمن بعيد، ولا زالت تعيشها وتغرق في هذا البلاء.

ٌ [(قال: قلت: فما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟! قال: اتق الله! وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك خاصتك، ودع عنك أمر العوام)].

أرأيت العلاج؟! النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: اتق الله! هذه أول وصية، وهي وصية الله تعالى للأنبياء والمرسلين: (اتق الله، وخذ ما تعرف)، الذي تعرف أن الشرع قد عرفه فالزمه.

(ودع ما تنكر) أي: الذي أنكره الشرع فأنكره واتركه، ولا تعمل به، (واجتهد في خاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام)، فهذه خمس وصايا نبوية للخروج من الفتن.