للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاة ذات السبب في أوقات الكراهة]

السؤال

هل تحية المسجد يكره أداؤها في أوقات معينة؟

الجواب

من ذهب إلى ترك الصلاة مطلقاً في أوقات النهي، وحمل النهي على الكراهة أو التحريم ولم يعتبر السبب؛ قال بترك الصلاة أبداً بين العصر والمغرب، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح، ووقت الظهيرة فهذه الأوقات نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الصلاة فيها وعن أن نقبر فيها موتانا، فمن اعتبر النهي مطلقاً قال بحرمة أو كراهة الصلاة في هذه الأوقات أبداً.

والإمام الشافعي عليه رحمة الله قال: الصلاة في هذه الأوقات مكروهة إلا لسبب، كدخول المسجد وأداء التحية، والصلاة على الجنازة، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وغير ذلك من الأسباب فقال: النهي محمول على تحري الصلاة في هذه الأوقات، أما صلاة لها سبب فهو جائز؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر قريش! يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً دخل هذا المسجد فصلى فيه ركعتين في أي وقت شاء من ليل أو نهار) فقوله: (في أي وقت شاء) يشمل أوقات الاستحباب وأوقات الكراهة، وهذا الذي يترجح لدي، وإن كنت في حرج بالغ من الوقت الذي تصفر فيه الشمس؛ لأن هذا وقت كراهة شديدة إن لم يكن وقت حرمة؛ لأن الشمس تشرق وتغرب بين قرني شيطان، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا تتحروا لصلاتكم وقت طلوع الشمس ولا وقت غروبها، فإنما تشرق الشمس وتغرب بين قرني شيطان)، فالذي يصلي في هذين الوقتين فإنما يتشبه بعباد الشيطان على الحقيقة.

هذا النهي إنما يتعلق بالنوافل، أما الفرائض فلا تدخل تحت هذا النهي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن يخرج وقتها فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) وهذا الذي يصلي ركعة قبل الصبح لا بد أنه سيصلي الركعة الثانية بعد خروج الوقت، ومع هذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على هذا النحو إدراكاً لها، وأنها صلاة أداء وليست قضاء، والله تعالى أعلم.