للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث جبريل من رواية يحيى بن يعمر عن ابن عمر]

[وقال يحيى بن يعمر: قلت لـ ابن عمر: إن عندنا رجالاً بالعراق يقولون: إن شاءوا عملوا وإن شاءوا لم يعملوا، وإن شاءوا دخلوا الجنة وإن شاءوا وإن شاءوا، فقال: إني منهم بريء وإنهم مني براء].

وهذا سبب سرد عبد الله بن عمر للحديث الطويل، فإن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري لما أتيا من البصرة إلى مكة قالا: لعلنا نوفق إلى أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فوفقا إلى أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو يطوف حول الكعبة، قال يحيى بن يعمر: فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي.

أي: أيقنت أن حميداً سيدع تكليم عبد الله بن عمر إلي، أي لأجل أنه أفطن وأفصح منه بياناً، قال: فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، قلت: أبا عبد الرحمن! إن أناساً ظهروا قبلنا بالبصرة يتعلمون العلم، أو قال: يقرءون القرآن ويتقفرون العلم.

ومعنى (يتقفرون) وفي رواية (يتفقرون) أي: يطلبون دقائق العلم ومسائله المستعصية، ويتتبعون خباياه وخفاياه، كما أنهم قائمون على تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار.

يقولون: لا قدر وأن الأمر أنف.

يعني: ينفون القدر، كما أنهم ينفون علم الله الأزلي؛ لأنهم يقولون: وأن الأمر أنف، يعني: أن الله تعالى لا يعلم العمل إلا بعد إيجاده، وبعد أن يعمله العبد، وهذا صريح معتقدهم، وهؤلاء هم شر خلق الله عز وجل، وقال فيهم النبي عليه الصلاة والسلام: (القدرية مجوس هذه الأمة) ينفون العلم عن الله عز وجل، يقولون: إن الله لا يعلم الشيء إلا بعد أن يكون.

فقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر: أوقد قالوها؟ إذا لقيتهم فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني.

أي: لا أنا منهم ولا هم مني.

وهذا الكلام محمول على تكفيرهم وإخراجهم من الملة، والأمر كذلك؛ فإن من نفى علم الله عز وجل وقال: إن الله لا يعلم الأمر إلا بعد أن يكون، أو نفى قدرة الله عز وجل، أو نفى الكتابة الأزلية في اللوح المحفوظ؛ فلابد من كفره، وهذا أمر قد أجمع عليه العلماء.

قال الإمام النووي: وهؤلاء -أي: الطائفة من القدرية الذين قالوا: لا مشيئة لله عز وجل، وإنما المشيئة مشيئة العبد، وأن الله لا يعلم ما العباد إليه عاملون وصائرون إلا بعد أن يكون- قال النووي: هؤلاء الصنف من القدرية قد انقرضوا تماماً.

ولعل ذلك كان في زمان الإمام النووي، ولا يبعد أن يكون من هؤلاء أناس في هذا الزمان.

[قال يحيى بن يعمر العدوي: (قلت لـ ابن عمر: إن عندنا رجالاً في العراق يقولون: إن شاءوا عملوا وإن شاءوا لم يعملوا وإن شاءوا دخلوا الجنة وإن شاءوا وإن شاءوا، فقال: إني منهم بريء وإنهم مني براء)، ثم قال: (إن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! ما الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله عز وجل ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت.

قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم.

قال: صدقت.

قال: فما الإحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه، فإلا تراه فإنه يراك.

قال: فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟ قال: نعم.

قال: صدقت.

قال: فما الإيمان؟ قال: تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبالبعث من بعد الموت، والجنة والنار، والقدر كله.

قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟ قال: نعم.

قال: صدقت)].

[وفي رواية عن ابن عمر قال: (جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي، فقال: ما الإسلام؟) إلى آخر الحديث]، ولكن هذا الحديث ضعيف جداً؛ لأنه يعارض الروايات السابقة أنه لا يعرفه منا أحد، ودحية الكلبي كان معروفاً لدى الصحابة.