للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر يحيى بن معاذ (ما من مؤمن يعمل المعصية)]

قال: [قال يحيى بن معاذ الرازي: ما من مؤمن يعمل المعصية لله تبارك وتعالى إلا ويكون معها حسنتان: خوف العقاب، ورجاء العفو].

من عقيدة أهل السنة والجماعة أن المرء يطير إلى الله بجناحين: جناح الخوف، وجناح الرجاء، وهما جناحان للعبد لا تصح عبادته إلا بهما، فإذا عبد المرء الله عز وجل بالخوف فقط أدى ذلك إلى اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل، وإذا عبد العابد الله تعالى بالرجاء فقط فلا بد أنه سيؤدي به إلى التقصير والتفريط في جنب الله عز وجل، ويوقعه في الإرجاء وترك العمل، فينبغي أن يسير السائر إلى الله عز وجل بهذين الجناحين على قدم وساق، خوف يحفزك إلى مزيد من العمل، ورجاء في أن الله عز وجل سيجازيك على عملك هذا خيراً.

وبعض أهل العلم قال: ويستحب تغليب جانب الخوف على جانب الرجاء إلا في مرض الموت، أو المرض الشديد الذي يغلب على الظن مفارقة الحياة الدنيا معه، فيغلب الرجاء حتى يلقى العبد ربه بحسن ظنه، لقول النبي الكريم كما عند مسلم وأبي داود: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)، ومصدر حسن الظن الرجاء بالله عز وجل.

وقال الله عز وجل في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)، وفي رواية: (فلا يظن بي إلا خيراً)، فينبغي تغليب الخوف في حال القوة والنشاط، بخلاف حال الضعف والمرض والإشراف على الهلاك، فيستحب أن يغلب جانب الرجاء.