للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر علي بن أبي طالب: (ألا أخبركم بالفقيه)]

قال: [وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ألا أخبركم بالفقيه كل الفقيه؟] أي: ألا أخبركم بالفقيه حقاً؟ قال: [من لم يقنط الناس من رحمة الله]، وهذا كلام الدعاة والوعاظ، [ولم يؤمنهم من مكر الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله.

وذكر الحديث].

فالذي يكون كل كلامه في الجنة حتى يوقن الرجل أنه ليس هناك شيء اسمه: عذاب ولا عقاب ولا نار، وأن الله غفور رحيم، وبالتالي فلماذا نصلي ونصوم ورحمة الله قد وسعت كل شيء حتى اليهود والنصارى؟ هكذا يقول! بل هكذا اعتقد أحد المسلمين وقال لي: أتظن أن رحمة الله تعالى لا تشمل اليهود والنصارى؟ قلت: والله لا تشملهم، قال: يلزمك التكفير عن هذه اليمين! فقلت: الذي لا يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، وإن كان يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويزعم أنه مسلم؛ لأنه قد كذب الله تعالى في آياته، وكذب النبي صلى الله في حديثه، والقرآن والسنة قد ملئا بالآيات والأحاديث التي تدل على أن كل من لم يؤمن بالله رباً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً، ويعمل بمقتضى هذا الإيمان؛ فإنه كافر، ولعل الوقت يسمح بسرد ذلك بإذن الله إذا تكلمنا عن الإيمان.

فالفقيه الحق هو الذي يعطي الناس جرعة خوف مع جرعة رجاء، فيخرج المرء من مجلس الوعظ بين الخوف الذي يحمله على العمل، وبين الرجاء الذي لم يقنطه من رحمة الله عز وجل، النبي صلى الله عليه وسلم وهو أول من تنشق عنه الأرض، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو سيد الأولين والآخرين، ومع هذا كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فلما قالت عائشة: (يا رسول الله! أليس الله تعالى قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أفلا أكون عبداً شكوراً)، والشكر باب من أبواب الرجاء لله عز وجل، كما أنه باب من أبواب الخوف لله عز وجل.