للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اعتقاد أن الله هو الذي خلق العباد على الطاعة والمعصية وأن هدايتهم بيده وحده]

قال: [وقال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:١١٨ - ١١٩]، اللام في قوله: (وَلِذَلِكَ) بمعنى: على، أي: وعلى ذلك خلقهم، خلقهم على الطاعة والمعصية، على السعادة والشقوة، على الجنة والنار، وهذا تفسير غير واحد من السلف، كتفسير الحسن البصري ومن قبله ابن عباس ومجاهد وغيرهم.

قال: [قال منصور بن عبد الرحمن: قلت للحسن قوله عز وجل: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود:١١٨ - ١١٩]، قال: من رحم ربك غير مختلف -أي: لا يقع فيهم الخلاف- قلت: ولذلك خلقهم؟ قال: نعم.

خلق هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لعذابه ونقمته]، وهكذا جاء عن خالد الحذاء وغير واحد من سلف الأمة في تفسير هذه الآية.

قال: [وقال عز وجل: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:٢١٣].

وقال عز وجل: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:٥٦].

وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر:٢٣].

وقال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشورى:٨] أي: بإرادته.

وقال عز وجل: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى} [المدثر:٥٦] أي: أهل لأن يتقى؛ لأنه شديد العذاب، وهو أهل أن يرحم وأن يغفر {وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر:٥٦].

وقال عز وجل حين دعا إلى الجنة وشوق إليها، وحذر من النار وخوف منها: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الإنسان:٢٩]، (فَمَنْ شَاءَ): أي أثبت المشيئة للعبد، ثم رد مشيئتهم إلى نفسه.

أي: أنهم لا يشاءون شيئاً إلا إذا شاءه الله وأراده وقدره وأذن بوقوعه، فقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان:٣٠ - ٣١].

قال: [وقال عز وجل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير:٢٨]-فأثبت للعبد المشيئة- قال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير:٢٩] يعني: لو أن العبد أراد أن يكفر لا يقع الكفر منه إلا بإرادة الله، ولو أن العبد أراد الإيمان لا يقع منه الإيمان إلا بإرادة الله ومشيئته جل وعلا.

قال: [وعن ابن عباس في قوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف:٢٩]، قال: يبعث المؤمن مؤمناً والكافر كافراً].