للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة البدعة]

قال: [عن مجاهد وهو مجاهد بن جبر المكي تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما قال: أفضل العبادة حسن الرأي].

يعني: أفضل العبادة: أن تعبد ربك على منهاج النبوة، لا تجتهد في عبادتك لله، إلا أن يأتيك الخبر عن الله عز وجل وعن المعصوم صلى الله عليه وسلم.

أما غير ذلك فبدع كلها لا عبرة بها، بل ترد على العبد في وجهه، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة الذي أخرجه مسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

أي: من ابتدع في دين الله ما ليس منه فهو مردود عليه في وجهه غير مأجور فيه، بل هو مأزور عليه.

يعني: يناله الوزر ولا يؤجر على ذلك، فأفضل العبادة التزام السنة.

وعن ابن عباس قال: لا يأتي على الناس زمان إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة.

وهذا أمر لابد أن يتم تلقائياً، إذا ظهرت البدعة فلابد أن يكون في مقابل البدعة في دين الله سنة، فإذا ظهرت البدعة واستقرت وعمل بها الناس فالناس لا يعلمون بالسنة والبدعة، فهم يعملون بأحدهما؛ فإن عملوا بالسنة أماتوا البدعة، وإن عملوا بالبدعة أماتوا السنة، ولذلك جاء في رواية مرفوعة: (ما عمل الناس ببدعة إلا وقد أماتوا سنة).

والصواب أن هذا الكلام موقوف من كلام كثير من السلف رضي الله عنهم: لا يأتي على الناس زمان إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن.

قال: [عن عبد الله بن الديلمي قال: إن أول الدين تركاً السنة، يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة.

يعني: اعتقاداً تنقضه شيئاً فشيئاً، عروة عروة، خصلة خصلة حتى تفقد الدين كله].

قال: [قال ابن الديلمي: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: ما ابتدعت بدعة إلا ازدادت مضياً ولا نزعت سنة إلا ازدادت هرباً].

قال: [عن حسان بن عطية قال: ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله من سنتهم مثلها، لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة، عقوبة لهم؛ وأعظمها للمبتدع أن الله احتجز التوبة عنه].

كما في حديث عند ابن ماجة وغيره: (إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته).

حتى تعلموا أهمية الالتزام والاستمساك بالسنة وخطورة البدعة.

قال: [وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن ناساً يجادلونكم بمتشابه القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل].

وهذا هو المنهج لمخاطبة أهل البدعة، فأهل البدع لا يمكن أن يجادلوك في محكم القرآن؛ لأن القرآن فيه محكم ومتشابه، كما بين الله تعالى ذلك في صدر سورة آل عمران: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:٧]، لكن أهل الإيمان وبالذات أقوى أهل العلم.

فديدن أهل البدع باستمرار حول متشابه القرآن؛ ولذلك يقول واحد من المبتدعة من جماعة التكفير عند أن قيل له: كيف ذاك؟ قال له: أنت شيء من اثنين: أنت ممكن أم مستضعف؟ قال له: ممكن في أشياء وأشياء، ومستضعف في أشياء وأشياء أخرى.

قال له: أريد كلمة واحدة، أنت ممكن أو مستضعف؟ قال له: لو قلت أنك ممكن فإثم هذه المرأة المتبرجة في رقبتك.

فقال له: لابد أن يغير.

ولو قلت أنك مستضعف سقطت عنك الجمعة والجماعات.

فتحس أنك عند أناس عربجية؛ لا علم ولا طلاب علم ولا علماء ولا مجموعة من الناس وضعوا أصول من حثالة عقولهم فيا ليت حتى صارت من عقول المعتزلة فيضلل صاحبها، المعتزلة هم على ضلال، لكنهم أناس محترمون، عندهم شيء اسمه شبهة علم، ولهم أصول، لكن هؤلاء لا أصول ولا فروع، ولا حتى مسكة ولا رائحة من رائحة العلم، يريد أن يجعل الدين عبارة عن معادلة كيت أو كيت، مخير أو ليس بمخير أو شيء من هذا القبيل، وفي الأخير تجد شاباً يذهب إلى الهجرة والتكفير ولا ينفع معهم.

أقسم بالله لو تمكنت منهم ما ضربتهم إلا بجريد النخل ثم ثنيت بالضرب مرة أخرى.

لو كان النقاش يجدي مع كل أحد سنناقش كل منحرف، لكن ثبت أن عمر أتى برجل تكلم في القدر، فعلقه من رجليه في سقف المسجد وضربه بالنعال والجريد حتى سال دمه، وقال المضروب: والله يا أمير المؤمنين لقد ذهب الذي كان برأسي.

فهناك أناس لا يذهب ما في رأسه من الشبه إلا بذلك.

أحياناً امرأتك إذا ضربتها تخضع لك، فإنك إذا نظرت إليها بعينيك تخاف، لو نظرت إليها تعرف أأنت غضبان، أم مرتاح وفرحان، فهي لا تسمع الكلام إلا بالتقريع والتوبيخ.

لو أنك نمت في فراشها وأدرت لها ظهرك قتلتها، وأخرى تقول: الحمد لله أنها جاءت منه! فهن درجات، وأخرى لا ينفع معها إلا الضرب، والله العظيم أنني أعرف أخاً صديقاً له امرأة ودائماً في شجار معها، وعندما تتشاجر معه ويحمى الوطيس تذهب إلى المطبخ وتأتي بالسكين وتعطيه من أجل يضربها، وهذا بلاء عظيم جداً.

فكذلك أصحاب الأف