للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دلالة الحس على معرفة الله سبحانه وتعالى]

الحس يدل على وجود الله عز وجل؛ فإن الإنسان يدعو الله عز وجل ويقول: يا رب! ويدعو بالشيء ثم يستجاب له فيه، فهذه دلالة حسية.

فهو نفسه لم يدع إلا الله، وقد استجاب الله له، فهو قد رأى ذلك رأي العين.

وكذلك نحن نسمع عمن سبق وعمن في عصرنا أن الله استجاب له، فهذه دلالة الحس على أن الشافي هو الله عز وجل؛ لأنه طلب الشفاء فشفاه سبحانه وتعالى، فهذه دلالة حسية.

والأعرابي الذي دخل المسجد والرسول عليه الصلاة والسلام يخطب الناس يوم الجمعة فقال: (هلكت الأموال، وانقطعت السبل، وهلك الضرع والزرع، فادع الله يغيثنا.

قال أنس: والله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -يعني: قطعة سحاب- وما بيننا وبين سلع -وهو جبل في المدينة- من بيت ولا دار).

يعني: أن الأرض كلها صحراء جرداء، وهم يرون السماء جيداً ليس فيها سحاب ولا غمام، ولا شيء ينبئ عن نزول مطر، فلما دعا الرسول عليه الصلاة والسلام (خرجت سحابة مثل الترس، وارتفعت في السماء وانتشرت وأرعدت وأبرقت، ونزل المطر، فما نزل الرسول عليه الصلاة والسلام إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام).

فهذه دلالة حسية، فقد دعا فاستجيب له.

والله تعالى يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠].

ويقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:١٨٦].

وهذا أمر واقع يدل دلالة حسية على وجود الخالق.

وفي القرآن الكريم كثير من هذا، مثل قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء:٨٣ - ٨٤] ومع أن هذه دلالة حسية إلا أنها تشمل معها الدلالة السمعية كذلك، إذ هي آية من كتاب الله عز وجل.