للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سياق ما فسر من كتاب الله وما روي عن رسول الله وورد من لغة العرب على أن الاسم والمسمى واحد]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [سياق ما فسر من كتاب الله تعالى، وما روي عن رسول عليه الصلاة والسلام، وورد من لغة العرب على أن الاسم والمسمى واحد].

أي: إذا قلت: الله، فالمقصود ذات الإله، وذات الإله واسم الله شيء واحد، فالاسم هو المسمى، والمسمى هو الاسم.

قال: [وأنه هو هو لا غير أي: أن الاسم هو المسمى، فلا شيء خارج عنه؛ لذا فالكلام في هذا الباب -هل الاسم هو المسمى- هو ضرب من ضروب الكلام عن القرآن الكريم، وأنه كلام الله تعالى غير مخلوق؛ لأن المعتزلة على جهة الخصوص قالوا: الاسم ليس هو المسمى، ومرادهم بهذا: أن الله تبارك وتعالى كان ولم يكن له اسم، ثم بعد أن كان أوجد أسماءه، والذي يقول: إنه أوجد أسماءه يلزمه أن يقول: إن أسماء الله تعالى لم تكن ثم كانت، ثم يلزمه تباعاً أن يقول: إن أسماء الله تعالى حادثة، وكل حادث لابد وأنه إلى زوال وفناء، فيلزمهم أن يقولوا: إن أسماء الله تعالى كلها مخلوقة كما قالوا في صفة الكلام لله عز وجل، وهو القرآن الكريم، فقد قالوا: إنه مخلوق، أي: حادث، وأسماء الله تعالى ليست هي عين المسمى؛ فيلزمهم أن يقولوا: إن الفناء يطرأ على هذه الأسماء، فكان الله ولم يكن له اسم، ثم تسمى بهذه الأسماء بعد ذلك؛ فيلزمهم أن يقولوا: إن كل هذه الأسماء لابد وأن يحصل عليها الفناء.

إن الذي يقول: إن أسماء الله ليست هي الله تعالى، أو ليست هي المسمى، وليست هي عين المسمى؛ يلزمهم أن يقولوا: إن أسماء الله تعالى حادثة، أي: أوجدت وأنشئت بعد أن لم تكن، والذي يقول بهذا الاعتقاد يقول: إنها لابد أن تفنى، فإن الله كان بلا أسماء، وكأنهم أرادوا أن يقولوا: إن الله تبارك وتعالى كان بغير اسم الرزاق، ولم يستحق هذا الاسم إلا بعد أن رزق، وكان بغير اسم الخالق، وما استحق أن يكون خالقاً إلا بعد أن خلق، وغير ذلك من أسماء الله عز وجل، وهذا كلام في غاية البطلان والفساد.

بل قال أحمد بن حنبل: من قال بذلك فهو كافر؛ قياساً على كلامه في موقف المعتزلة من كلام الله عز وجل، فلما سئل عن القرآن: أهو مخلوق؟ قال: لا، إن القرآن كلام الله تعالى، وهو صفة من صفاته غير مخلوقة، ومن قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر.