للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدلة أهل السنة والجماعة على أن الاسم هو المسمى]

وحجة أهل السنة والجماعة على أن الاسم هو المسمى، أو هو عين المسمى ما يلي: [قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى:١ - ٢]، وقال تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، وقال تبارك وتعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:١١٠]].

أي: عندما تدعون الله تبارك وتعالى فإنكم لابد أن تدعونه بأسمائه الحسنى؛ إذ أنه تبارك وتعالى لا يمكن أن تناديه بغير اسمه، بل ولا يتصور هذا، فتقول: يا رحمان يا رحيم يا قابض يا خالق يا رزاق يا بارئ يا مصور يا مهيمن يا عزيز يا جبار، وغير ذلك من أسمائه الحسنى، لكن لو رفعت يديك إلى السماء وأردت أن تدعو الله بغير اسمه فإنك ستعجز عن الكلام، وتعجز عن الدعاء؛ لأنه لابد وأن تذكره باسم من أسمائه، ولا يتصور أن الله تبارك وتعالى كان بغير اسم، ولم يستحق أن يسمى إلا بعد أن خلق له أسماء، لذا فإن من يقول: إن أسماء الله وصفاته مخلوقة، لابد وأن يقول: إنها فانية؛ لأن الله في نظره وفي زعمه كان بلا أسماء، وسيكون في آخر الزمان بلا أسماء كذلك، ولا شك أن هذا قول كذب ومفترى، بل هو الكفر البواح والصريح.

قال: [وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠]، وقال تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر:٦٥]، وقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش:٣]، ولم يقل أحد من العقلاء: من اسمه: رب هذا البيت).

لأنهم يعلمون أن لله أسماء حسنى، وصفات عليا قد تسمى بها أزلاً، ولا تزال هذه الأسماء باقية إلى أبد الآبدين.

قال: [ولم يقل أحد من العقلاء من اسمه: رب هذا البيت، ولا قال أحد: ادع الذي اسمه: الله]، وإنما يقولون: ادعوا الله؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش:٣]، وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠].

ولأن دعاء الاسم بخلاف دعاء المسمى، فعند إطلاق الاسم على الآدمي لابد وأن تعلم أن أسماء المخلوقين مخلوقة، بخلاف أسماء الخالق تبارك وتعالى فإنها غير مخلوقة، ولذلك يقول الله تبارك وتعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة:٣١] أي: علم آدم بعد أن كان جاهلاً، وبعد أن لم يكن يعلم اسماً من الأسماء، فالله خلقه جاهلاً ولم يخلقه عالماً، ولذلك قال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة:٣١]، وهذا يدل على أنه قبل تعليم الله له لم يكن عالماً بهذه الأسماء، وهذه الأسماء مخلوقة لآدم ومخلوقة في آدم، أي: أن الله تعالى خلقها وعلمها لآدم بعد أن كان جاهلاً بها.

ولذلك فاسمك مخلوق، والاسم الذي ركب فيك وركب عليك كذلك مخلوق، ولذلك عندما يأتي المولود فيقال: نسميه إبراهيم، فيقول آخرون: بل نسميه محمداً، ويقول ثالث: بل نسميه سعداً، والرابع: يسميه سعيداً، وغير ذلك، ثم يستقر اسم ذلك الولد على ما قدره ربه تبارك وتعالى في اللوح المحفوظ، والذي سجله ربه تبارك وتعالى هناك.

ثم انظر يا عبد الله! ألا ترى أنك تسمى حليماً وليس فيك شيء من الحلم، وتسمى لطيفاً وليس فيك من اللطف شيء، فلا يلزم أن يدل الاسم على المسمى؛ لأنك مخلوق واسمك كذلك مخلوق، بخلاف المولى عز وجل، فإنه خالق كل شيء، وهو سبحانه وتعالى ليس مخلوقاً، وإنما هو الإله الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وكذلك أسماؤه تبارك وتعالى وصفاته العلى، فإنها ليست مخلوقة، وإنما هي أسماء وصفات أزلية أبدية ليست بمخلوقة.

وهنا نقول: إن أسماء المخلوقين مخلوقة ولا تدل باللازم على المسمى؛ لأن المرء يسمى محمداً وليس فيه من الحمد شيء، ويسمى أحمد وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من أسماء أفراد هذه الأمة المحمدية وهم تاركون للصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وللأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فهل هذا يدل على حمدهم لله، وشكرهم لله، وإنابتهم وإخباتهم لله؟

الجواب

لا، فإن أسماء المخلوقين مخلوقة، وليس بلازم أن يدل على عين المسمى، بخلاف المولى تبارك وتعالى فإنه لما كانت ذاته تبارك وتعالى ليست مخلوقة، وذوات المخلوقين مخلوقة، اختلفت الذات عن الذات، وبالتالي لابد وأن تختلف الصفات عن الصفات، إذ إن صفات الله تبارك وتعالى غير مخلوقة تبعاً لذات المولى تبارك وتعالى.

وأما ذات المخلوقين لما كانت مخلوقة فلابد وأن تكون أسماءهم وصفاتهم كذلك مخلوقة، ولذلك لم يقل أحد من العقلاء: يا أيها الناس! ادعوا من اسمه الله، وإنما يقال: ادعوا الله مباشرة؛ لأن اسم (الله) يدل على ذات الإله، ولا يلتفت عنه قط، وأن ذات الاسم هو ذات المسمى.

وقال تبارك وتعالى: {فَإِيَّايَ فَاعْبُ