للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أعظم الشرك أن يقال: إن العبادة لاسمه، واسمه مخلوق، وقد أمر بالعبادة للمخلوق]

قال: [ومن أعظم الشرك أن يقال: إن العبادة لاسمه واسمه مخلوق، وقد أمر بالعبادة للمخلوق].

فانظر إلى هذا اللبس وهذا الخلط، فرب رجل من المعتزلة يأتينا فيقول: من تدعون؟ فنقول: ندعو الله، فيقول: لا، أنتم الآن تدعون اسماً من أسماء الله، ولا تدعون ذات المسمى، وهو الله تبارك وتعالى، وأنتم بهذا قد أشركتم بالله! وهذا لبس وخلط، ولذلك رد عليهم الإمام فقال: [ومن أعظم الشرك أن يقال: إن العبادة لاسمه واسمه مخلوق، وقد أمر بالعبادة للمخلوق]؛ إذاً: فأنت الآن تدعو المخلوق كما تدعو السيد البدوي، والسيدة زينب، ونفيسة وغيرهم من الأولياء، وعليه فما الفرق عندكم -المعتزلة يوجهون هذا السؤال لأهل السنة- بين من يدعو البدوي وبين من يدعو اسماً من أسماء الله؟! فنقول لهم: إن الفرق شاسع وكبير جداً؛ لأننا نعتقد أولاً: أن الاسم هو المسمى، والأمر الثاني: أننا نعتقد أن أسماء الله تعالى لازمة لذاته لا تنفك عنه، فهي أزلية أبدية وليست بمخلوقة.

قال: [وهذا قول المعتزلة والنجارية وغيرهم من أهل البدع والكفر والضلال.

وقال تبارك وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١].

وقد أجمع المسلمون على أن (هو) إشارة إليه، وأن اسمه (هو).

وقال تبارك وتعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج:٣٦]، فأمر الله تبارك وتعالى أن يذكر اسمه على البدن حين نحرها للتقرب إليه سبحانه]، {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} ولم يقل: اذكروا ذات الله، ليدل على أن الاسم هو المسمى.

فإذا دعونا الله تبارك وتعالى فإنا نقول: باسم الله أذبح وأتقرب إلى الله، وباسم الله أجامع، وباسم الله آكل، وباسم الله أشرب، وباسم الله أمشي، وباسم الله أتوكل عليه، وأفعل كيت وكيت.

بينما المعتزلة إذا سمعونا نقول ذلك يقولون: أنتم تدعون الاسم دون المسمى! فنقول لهم: وإن كان الأمر كذلك فإن الله قد أمرنا بذلك، وعندنا في ذلك بدل النص عشرات النصوص؛ لأن الله تعالى يقول: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} [الحج:٣٦]، ولم يقل: فاذكروا ذات الله؛ ليدل على أن الاسم هو المسمى.

قال: [وعلى مذهب المبتدعة: لو ذكر اسم زيد أو عمرو أو اللات والعزى يجزيه؛ لأن هذه الأسماء مخلوقة، وأسماء الله عز وجل عندهم مخلوقة].

أي: أنهم يقولون: لا فرق بين أن تدعو اللات والعزى، وأن تدعو الله؛ لأنك بهذا كله إنما تدعو أسماء، سواء دعوت أسماء هذه الآلهة، أو أسماء الله تبارك وتعالى، فالكل عندهم مخلوق، والكل عندهم نداء لغير الله عز وجل.

قال: [وقال في آية أخرى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:١١٨] ولم يقل سبحانه: فكلوا مما ذكر ذات الله.

وقال في موضع آخر: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:١٢١].

وقال تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن:٧٨]-ولم يقل: تبارك ذات ربك- وقال في آية أخرى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [غافر:٦٤]، وقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:٤١ - ٤٢]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]].