للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رواية أبي هريرة في إثبات الساق لله تعالى]

وأما حديث أبي هريرة ففيه: (فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجوداً) فلا يمكن أبداً أن تحتمل اللغة تفسيرهم: (فيكشف الله تعالى عن شدته فيقعون سجوداً)؛ لأنه قد قال: إن كشف الساق هو كشف الشدة، وكشف الشدة بمعنى: إزالتها، أي: رفع الشدة، فهل يناسب أن نقول: إن الله تعالى في الموقف والمحشر يرفع شدته.

بمعنى: أنه يكون هناك حالة رضا.

لا.

ولا شك أن السجود هذا إنما هو داعي الخوف، فلا يسجد الناس والله تبارك وتعالى قد رفع عنهم الشدة والخوف، بل هم يسجدون إذا خافوا، فهذا الوجه في اللغة غير محتمل.

بل الحديث صريح في إثبات صفة الساق لله تعالى، وإبطال سائر التأويلات التي قيلت في الآية، فقوله: (فيكشف لهم عن ساقه)، صريح في إثبات الساق لله تعالى؛ لأنه لا يجوز أن يكون المراد هنا بالساق: الشدة قطعاً.

وقوله: وذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:٤٢]، ظاهر في أن المراد بالآية: إثبات الساق لله تعالى.

ويؤيده ما رواه الدارمي في كتابه: الرد على الجهمية -وهو كتاب من أمتع الكتب، وهناك أيضاً كتابين بهذا العنوان: الرد على الجهمية للإمام أحمد، والرد على الجهمية لـ ابن منده، وكلها كتب لثلاثة من أئمة السلف للرد على الجهمية المعطلة بعنوان واحد- فقد روى الدارمي من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ({يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:٤٢]، قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه).

وفي حديث آخر: (يوم يكشف ربنا).

فهذا التفسير من النبي صلى الله عليه وسلم لمعنى الآية يبطل جميع الأقوال المخالفة لهذا القول، ويدل دلالة صريحة على أن الآية من آيات الصفات، وليس المقصود بالساق هنا: الشدة.

وأن المراد منها -أي من الآية-: إثبات الساق كصفة ذاتية لله تبارك وتعالى، وقد جاءت الأحاديث مؤيدة لهذا القول، ودالة على إثبات الساق لله تعالى.