للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ابن عباس للآيات الدالة على أن الهداية والإضلال بيد الله]

قال: [عن ابن عباس في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة:٦]، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام:٣٥]، وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام:١٢٥]، وقوله: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام:١١١]، وقوله: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس:١٠٠]، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة:١٣]، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس:٩٩]، وقوله: {الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [الرعد:٥]، وقوله: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف:٢٨]، وقوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:١٠٥] ونحو هذا من القرآن].

كل هذه الآيات تدل على أن الإيمان والكفر والشقاء والسعادة والهداية والإضلال بيد الله عز وجل.

قال: [وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول].

الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على أن يجمع جميع الخلق على السعادة، وربنا قال له: أنت لا تستطيع أن تفعل ذلك، وليس هذا لك ولا لأحد، وإنما هذا لرجل قد سبق في علم الله أنه من أهل السعادة، وليست لرجل سبق في علم الله أنه من أهل الشقاوة.

قال: [فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول.

ثم قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف:٦]-يعني: مهلك نفسك- {أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:٣].

يقول: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء:٤].

ثم قال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ} [فاطر:٢].

ويقول: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:١٢٨]].

أي: ليس لك يا محمد من الأمر شيء، فأنت لا تعلم ما الذي كتبه الله عز وجل أزلاً على العباد من السعادة والشقاء، والهداية والإضلال، وما عليك يا محمد إلا أن تبلغ هذا الوحي إلى الناس، أما الخواتيم فلا يعلمها إلا الله عز وجل.